التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ
٣٣
-التوبة

روح البيان في تفسير القرآن

{ هو الذى } اى الذى لا يريد شيئاً الا اتمام نوره ودينه هو الذى { ارسل رسوله } ملتبسا { بالهدى } اى القرآن الذى هو هدى للمتقين { ودين الحق } اى الدين الحق وهو دين الاسلام { ليظهره } اى ليغلب الرسول { على الدين كله } اى على اهل الاديان كلهم فالمضاف محذوف او ليظهر الدين الحق على سائر الاديان بنسخة اياها حسبما تقتضيه الحكمة واللام فى ليظهره لاثبات السبب الموجب للارسال فهذه اللام لام الحكمة والسبب شرعا ولام العلة عقلا لان افعال الله تعالى ليست بمعللة بالاغراض عند الاشاعرة لكنها مستتبعة لغايات جليلة. فنزل ترتب الغاية على ما هى ثمرة له منزلة ترتب الغرض على ما هو غرض له { ولو كره المشركون } ذلك الاظهار ووصفهم بالشرك بعد وصفهم بالكفر للدلالة على انهم ضموا الكفر بالرسول الى الكفر بالله.
قال ابن الشيخ وغلبة دين الحق على سائر الاديان تكون على التزايد ابدا وتتم عند نزول عيسى عليه السلام لما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى نزول عيسى ويهلك فى زمانه الملل كلها الا الاسلام وقيل ذلك عند خروج المهدى فانه حينئذ لا يبقى احد الا دخل فى الاسلام والتزم اداء الخراج وفى الحديث
"لا يزداد الامر الا شدة ولا الدنيا الا ادبارا ولا الناس الا شحا ولا تقوم الساعة الا على شرار الناس ولا مهدى الا عيسى بن مريم" ومعناه لا يكون احد صاحب المهدى الا عيسى بن مريم فانه ينزل لنصرته وصحبته والمهدى الذى من عترة النبى عليه السلام امام عادل ليس بنبى ولا رسول والفرق بينهما ان عيسى هو المهدى المرسل الموحى اليه وايضا ان عيسى خاتم الولاية المطلقة والمهدى خاتم الخلافة المطلقة وكل منهما يخدم هذا الدين الذى هو خير الاديان واحبها الى الله تعالى.
وعن بعض الروم قال كان سبب اسلامى انه غزانا المسلمون فكنت اساير جيشهم فوجدت غزاة فى الساقة فاسرت نحو عشر نفر وحملتهم على البغال بعد ان قيدتهم وجعلت مع كل واحد منهم رجلا موكلا به فرأيت فى بعض الايام رجلا من الاسرى يصلى فقلت للموكل به فى ذلك فقال لى انه فى كل وقت صلاة يدفع الى دينارا فقلت وهل معه شيء قال لا ولكنه اذا فرغ من صلاته ضرب بيده الى الارض ودفع لى ذلك فلما كان الغد لبست ثوبا خلقا وركبت فرسادونا وسرت مع الموكل لا تعرف صحة ذلك فلما دنا وقت صلاة الظهر اومى الى ان يدفع لى دينارا حتى اتركه يصلى فاشرت اليه انى لا آخذ الا دينارين فاومى برأسه نعم فلما فرغ من صلاته رايته قد ضرب بيده الى الارض فدفع الى منها دينارين فلما كان وقت العصر اشار كالمرة الاولى فاشرت اليه انى لا آخذ الا خمسة دنانير فاشار الى بالاجابة فلما فرغ من صلاته فعل كفعله الاول فدفع الى خمسة دنانير فلما كان وقت المغرب اشار كذلك فقلت لا آخذ الا عشرة فاجابني فلما صلى فعل كما تقدم فدفع الى عشرة فلما نزلنا واصبحنا دعوت به وسألته عن خبره وخيرته فى رجوعه الى بلاد الاسلام فاختار الرجوع فاركبته بغلا ودفعت له زادا وحملته بنفسى على البغل فقال اماتك الله تعالى على احب الاديان اليه فوقع فى قلبى من ذلك الوقت الاسلام.
فعلىالمؤمن المخلص ان يعظم الرسول الذى ارسله الله بهذا الدين الحق وقد عظمه الله ورفع ذكره وكتب اسمه على صفحات الكون.
قال بعض الشيوخ دخلت بلاد الهند فوصلت الى مدينة رأيت فيها شجرة تحمل ثمرا يشبه اللوز له قشرة فاذا كسرت خرجت منها ورقة خضراء مطوية مكتوب عليها بالحمرة لا اله الا الله محمد رسول الله كتابة هندية واهل الهند يتبركون بها ويستسقون بها اذا منعوا الغيث ويتضرعون عندها فحدثت بها الحديث ابا يعقوب الصياد فقال لى ما استعظم هذا كنت بالايلة فاصطدت سمكة مكتوب على اذنها اليمنى لا اله الا الله وعلى اليسرى محمد رسول الله فقذفت بها الى الماء وانما قذف بها احتراما لها لما عليها من اسم الله تعالى واسم رسوله عليه السلام

شهباز هواى قاب قوسين برشد زتو آشيان كونين

وفى الحديث "لا تجعلونى كقدح الراكب" اى لا تنسونى فى حالة الشدة والرخاء "ولا تذكرونى كصنيع الراكب مع قدحه المعلق فى مؤخر رحله اذا احتاج اليه من العطش استعمله واذا لم يحتج اليه تركه" وقيل لا تجعلونى فى آخر الدعاء فان اللائق ان يذكر اسمه الشريف اولا وآخرا ويجعل الدعاء له عنوان الادعية

هر جند شر آخرين مقدم شد برهمه نورتو مقدم

جعلنا الله واياكم من خدام عتبة بابه والمتقربين بكل وسيلة الى عالى جنابه