التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ
٣٥
-التوبة

روح البيان في تفسير القرآن

{ يوم } منصوب بعذاب { يحمى عليها فى نار جهنم } يقال حميت النار اى اشتدت حرارتها اى يوم توقد النار الحامية اى الشديدة الحرارة على تلك الدنانير والدراهم وعليها فى موضع رفع لقيامه مقام الفاعل { فتكوى } [يس داغ كرده شود] { بها } [يدان دينارها ودرمهاى سوزان] { جباههم وجنوبهم وظهورهم } وانما تكوى هذه الاعضاء دون غيرها لان الغنى اذا رأى الفقير الطالب للزكاة كان يعبس جبهته واذا بالغ فى السؤال يعرض عنه بجنبه واذا بالغ يقوم من موضعه ويولى ظهره ولم يعطه شيئاً غالبا او لان المقصود الكانز من جميع المال لما كان طلب الوجاهة بالغنى تعلق الكى باعلى وجهه وهو الجبهة ولما قصد به ايضا التنعم بالمطاعم الشهية التى ينتفخ بسببها جنباه وبالملابس البهية التى يلقيها على ظهره تعلق الكى بالجنوب والظهور ايضا { هذا ما كنزتم } اى يقال لهم حين الكى فى ذلك اليوم هذا ما جمعتم فى دار الدنيا { لانفسكم } اى لمنفعتها فكان عين مضرتها وسبب تعذيبها { فذوقوا ما كنتم تكنزون } اى وبال كنزكم فما مصدرية والمضاف محذوف لان المعنى المصدرى ليس بمذوق وانما يذاق وباله وعذابه وانما ذاقوه فى الآخرة لانهم فى الدنيا فى منام الغفلة عن الاخرة والنائم لا يذوق ألم الكى وانما يذوقه عند الانتباه والناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا

مردمان غافلند از عقبى همه كويا بخفتكان مانند
ضرر غفلتى كه مى ورزند جون بميرند آنكهى دانند

[درامالى امام ظهير الدين ولواجى مذكوراست كه. اكرديكران خزينه مال كنند توخزانه اعمال كن. واكر ديكران كنوز اعراض فانيه جويند تورموز اسرار باقية جوى]

يكدرم كان دهى بدرويشى بهتراز كنجهاى مدخرست
زانجه دارى تمتعى بردار كان دكرروزى كسى دكرست

وفى الحديث "ما من صاحب كنز لا يؤدى زكاته الا احمى عليها فى نار جهنم فتجعل صفائح فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره حتى يحكم الله بين عباده فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة مما تعدون ثم يرى سبيله اما الى الجنة واما الى النار وما من صاحب ابل لا يؤدى زكاتها الابطح لها بقاع قرقرتستن عليه بقوائمها واخفافها" اى ترفع يديها "وتطرحهما معا على صاحبها كلما مضى عليه آخرها رد عليه اولها حتى يحكم الله بين عباده فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة ثم يرى سبيله اما الى الجنة واما الى النار وما من صاحب غنم لا يؤدى زكاتها الابطح بها بقاء قرقر تطأه باظلافها وتنطحه بقرونها ليس فيها جماع ولا منكسر قرنها كلما مضى عليه آخرها رد عليه اولها حتى يقضى الله بين عباده فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة ثم يرى سبيله اما الى الجنة واما الى النار" .
واعلم ان الزكاة شكر لنعمة المال كما ان الصوم والصلاة والحج شكر لنعمة الاعضاء ولذا صارت صلاة الضحى شكر النعمة ثلاثمائة وستين مفصلا فى البدن وهى اى الزكاة تمليك خمسة دراهم فى مائتين للفقير المسلم لله تعالى ولرضاه فالتمليك رجاء للعوض ليس لزكاة وعائل يتيم لو اطعمه من زكاته صح خلافا لمحمد لوجود الركن وهو التمليك وهذا اذا سلم الطعام اليه واما اذا لم يدفع اليه فلا يجوز لعدم التمليك وهذا ايضا اذا لم يستخدمه فلو دفع شيأ من زكاته الى خادمه الغير المملوك وجاء للعوض وهو خدمته لم يكن لله تعالى وهذا غافل عنه اكثر الناس ولو انفق على اقاربه بنية الزكاة جاز الا اذا حكم عليه بنفقتهم قالوا الافضل فى صرف الزكاة ان يصرفها الى اخوته ثم اعمامه ثم اخواله ثم ذوى الارحام ثم جيرانه ثم اهل سكنه ثم اهل مصره.
والفرق بين الزكاة وصدقة الفطر انه لا يجوز دفع الزكاة لذمى بخلاف صدقة الفطر ولا وقت لها ولصدقة الفطر وقت محدود يأثم بالتأخير عن اليوم الاول.
قال الفقهاء افتراض الزكاة عمرى وقيل فورى وعليه الفتوى فيأثم بتأخيرها وترد شهادته. أى رجل يستحب له اخفاؤها فقل الخائف من الظلمة حتى لا يعلموا كثرة ماله. أى رجل غنى عند الامام فلا تحل له فقير عند محمد فتحل له فقل من له دور يستغلها ولا يملك نصابا فمن كان له دار لا تكون للسكنى ولا للتجارة وقيمتها تبلغ النصاب يجب بها صدقة الفطر دون الزكاة ولو اشترى زعفرانا ليجعله على كعك التجارة لا زكاة فيه ولو كان سمسما وجبت والفرق ان الاول مستهلك دون الثانى والملح والحطب للطباخ والحرض والصابون للقصار والشب والقرظ للدباغ كالزعفران والعصفر والزعفران للصباغ كالسمسم كذا فى الاشباه ثم المعتبر فى الذهب والفضة الوزن وجوبا واداء لا الذى يروج بين الناس من ضرب الامير وجاز دفع القيمة فى زكاة وكفارة عير الاعتاق وعشر ونذر واذا قال الناذر على ان اتصدق اليوم بهذا الدرهم على هذا الفقير فتصدق غدا بدرهم آخر على غيره يجزئه عندنا ولا تؤخذ الزكاة من تركته بغير وصية وان اوصى اعتبرت من الثلث والمريض اذا خاف من ورثته يخرجها سرا عنهم