التفاسير

< >
عرض

وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
٧٢
-التوبة

روح البيان في تفسير القرآن

{ وعد الله المؤمنين والمؤمنات } اى وعدهم وعدا شاملا لكل واحد منهم على اختلاف طبقاتهم فى مراتب الفضل كيفما وكما والوعد عبارة عن الاخبار بايصال المنفعة قبل وقوعها { جنات } جمع جنة وهى الحديقة ذات النخل والشجر { تجرى من تحتها } اى اشجارها وغرفها { الانهار } انهار الماء والعسل والخمر واللبن { خالدين فيها } اى مقدرا خلودهم ودوامهم فيها فكل واحد من المؤمنين فائز بهذه الجنات لا محالة { ومساكن طيبة } اى وعد بعض الخواص الكمل منهم منازل تستطيبها او يطيب فيها العيش وفى الخبر انها قصور من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت الاحمر { فى جنات عدن } هلى ابهى اماكن الجنات. واسناها
عن النبى عليه السلام
"عدن دار الله لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاث النبيون والصديقون والشهداء طوبى لمن ادخلها" -روى- ان الله تعالى خلق جنة عدن بيده من غير واسطة وجعلها له كالقلعة للملك وجعل فيها الكثيب مقام تجلى الحق سبحانه وفيها مقام الوسيلة مقام المصطفى صلى الله عليه وسلم وغرس شجرة طوبى بيده فى جنة عدن واطالها حتى علت فروعها سور جنة عدن ونزلت مظللة على سائر الجنات كلها وليس فى اكمامها ثمر الا الحلى والحلل لباس اهل الجنة وزينتهم زائدة فى الحسن والبهاء لها اختصاص فضل لكونها خلقها الله بيده وهى اجمع الحقائق الجنانية نعمة واتمها بركة فانها اصل لجميع اشجار الجنة كآدم عليه السلام لما ظهر منه من البنين وما فى الجنة نهر الا وهو يجرى من اصل تلك الشجرة وهى محمدية المقام وهى فى الدار النبى عليه السلام يقال عدن بالمكان اذا اقام به ومنه المعدن لمستقر الجواهر { ورضوان من الله } اى وشئ يسير من رضوانه تعالى { أكبر } واعظم من الجنان ونعيمها لانه مبدأ جميع السعادات ومنشأ تمام الكمالات [محققان راه وعارفان آكاه را دركاه وبيكاه جز رضاى حضرت الله مطلوبى نيست]

يكى مى خواهد از توجنت وحور يكى خواهد كه ازدوزخ شود دور
وليكن مانخواهيم اين وآن جست مراد ما همين خشنودى تست
جوتو خشنود كردى در دوعالم همين مقصود بس والله اعلم

قال الحافظ

صحبت حورنخواهم كه بود عين قصور با خيال تو اكر با دكرى بردازم

"-روى- انه تعالى يقول لاهل الجنة هل رضيتم فيقولون ما لنا لا نرضى وقد اعطيتنا ما لم تعط احدا من خلقك فيقول انا اعطيكم افضل من ذلك فيقولون وأى شئ افضل من ذلك فيقول احل عليكم رضوانى فلا اسخط عليكم ابدا" .
{ ذلك } المذكور من النعيم والرضى { هو الفوز العظيم } دون ما يعده الناس فوزا من حظوظ الدنيا فانها مع قطع النظر عن فنائها وتغيرها وتنغصها وتكدرها ليست بالنسبة الى ادنى شئ من نعيم الآخرة الا بمثابة جناح البعوض قال عليه السلام "لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء" قال يحيى بن معاذ الدنيا دار خراب واخرب منها قلب من يعمرها والآخرة دار عمران واعمر منها قلب من يطلبها.
وقال ايضا فى الدنيا جنة من دخلها لم يشتق الى الجنة قيل وما هى قال معرفة الله تعالى وهى الجنة المعنوية.
قال ابو يزيد البسطامى حلاوة المعرفة الالهية خير من جنة الفردوس واعلى عليين لو فتحوا لى ابواب الجنان الثمانى واعطونى الدينا والاخرة لم تعدل انينا وقت السحر.
فعلى العاقل الاجتهاد والتوجه الى الحضرة العليا والاعراض عن الدنيا والفوز بالمطلب الاعلى والمقصد الاسنى نسأل الله الدخول الى حرم الوصول