التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ
٩٤
كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
٩٥
-هود

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحق جل جلاله: { ولما جاء أمرنُا }: عذابنا لقوم شعيب، { نجينا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منا }، لا بعمل استحقوا به ذلك؛ إذ كل من عنده، { وأخذت الذين ظلموا الصيحةُ } قيل: صاح بهم جبريل فهلكوا، { فأصبحوا في ديارهم جاثمين }: ميتين. وأصل الجثوم: اللزوم في المكان. { كأن لم يَغْنَوا فيها } كأن لم يقيموا فيها ساعة، { ألا بعْداً لمدين كما بَعِدَتْ ثمودُ }، شبههم بهم؛ لأن عذابهم كان أيضاً بالصيحة، غير أن صيحة ثمود كانت من فوق، وصيحة مدين كانت من تحت، على ما قيل، ويدل عليه: التعبير عنهما بالرجفة في آية أخرى. والرجفة في الغالب إنما تكون من ناحية الأرض. وفي البيضاوي خلاف هذا، وهو غير جَيد.
قال قتادة: بعث الله شعيباً إلى أمتين: أصحاب الأيكة، وأصحاب مدين، فأهلك أصحاب الأيكة بالظلة، على ما يأتي، وأما أهل مدين فصاح بهم جبريل صيحة؛ فهلكوا أجمعين. قيل: وآمن بشعيب من الفئتين: تسعمائة إنسان. وكان أهل الأيكة أهل غيطة وشجر، وكان شجرهم الدَّوْم ـ وهو شجر المُقْل.
الإشارة: سبب النجاة من الهلاك في الدارين: توحيد الله، وتعظيم من جاء من عند الله. وسبب الهلاك: الإشراك بالله، وإهانة من عظمه الله. والله تعالى أعلم.
ثم ذكر رسالة موسى عليه السلام بعد شعيب؛ لأنه من تلامذته، فقال: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا }.