قلت: الود: محبة الشيء مع تمنيه و { مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } بيانية كقوله: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ }، و { أَن يُنَزَّلَ } معمول يود، و { مِّنْ خَيْرٍ } صلة، و { مِّن رَّبكُمْ } ابتدائية.
يقول الحق جلّ جلاله: ما يتمنى { الذين كفروا من أهل الكتاب } إنزال خير عليكم { مِّن رَّبِّكُمْ } ولا المشركون حسداً منهم، بل يتمنون أن تبقوا على ضلالتكم وذُلِّكُمْ، { والله يختص برحمته } كالنوبة والولاية { من يشاء } من عباده. فلا يجب عليه شيء ولا يمتنع عليه ممكن، { وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }، فَيَمُنُّ بالنبوة أو الولاية على مَن يشاء فضلاً وإحساناً.
الإشارة: في الآية تنبيهان: أحدهما: أن من كان يحسد أهل الخصوصية وينكر عليهم، فيه نزعة يهودية، وخصلة من خصال المشركين، والثاني: أن حسد أهل الخصوصية والإنكار عليهم أمر شائع وسنة ماضية، فليوطن المريد نفسه على ذلك: وليعلم انه ما يقال له إلا ما قيل لمن قبله، { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً } [الأحزَاب: 62]، وما من نعمة إلا وعليها حسود.
وقال حاتم الطائي:
ومِنْ حَسَدٍ يَجُورُ عَلَيَّ قَومي وأيُّ الدهر ذُو لَمْ يَحْسُدُوني
وبالله التوفيق.