يقول الحقّ جلّ جلاله: { وقال لهم نبيهم } شمويل: { إن الله قد بعث لكم } ملكاً، أي: عيَّنه لكم لتقاتلوا معه، وهو { طالوت } وهو عَلَمٌ عِبْراني كدَاوُد، { قالوا } تعنتاً وتشغيباً: { أنى يكون له الملك علينا } أي من أين يستأهل التملك علينا وليس من دار الملك؟ لأن المملكة كانت في أولاد يهوذا، وطالوت من أولاد بنيامين، والنبوة كانت في أولاد لاوى. وقالوا: { نحن أحق بالملك منه } وراثة ومُكْنة، لأن دار المملكة فينا. وأيضاً هو فقير { لم يُؤْتَ سعة من المال } يتقوى به على حرب عدوه، وكان طالوت فقيراً راعياً أو سَقَّاءً أو دباغاً. { قال } لهم نبيهم - عليه السلام-: { إن اصطفاه عليكم } رغم أنفكم. قال وهب بن منبه: أوحى الله إلى نبيهم: إذا دخل عليك رجل فَنَش الدُهنَ الذي في القرن فهو ملكهم، فلما دخل طالوت نَشَّ الدهن.
وقال السدي: أرسل الله إليه عَصا، وقال له: إذا دخل عليك رجل على طول هذه العصا فهو ملكهم، فكان ذلك طالوت فتبيَّن أن الله تعالى اصطفاه للملك، { وزاده بسطه في العلم } فكان أعلم بني إسرائيل بالتوراة وقيل: بالحروب وعلم السياسة. وزاده أيضاً بسطه في { الجسم }، فكان أطولُ بني إسرائيل يبلغ إلى مَنْكبِهِ. وذلك ليكون أعظم خطَراً في القلوب، وأقوى على مقاومة العدو ومكابدة الحروب، { والله يؤتي ملكه من يشاء }؛ لأنه مَلِك الملوك يضع مُلكه حيث شاء، { والله واسع } فيوسع على الفقير ويغنيه بلا سبب، { عليم } بمن يليق بالملك بسبب وبلا سبب.