التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ
٥٠
-البقرة

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

ثم ذكَّرهم الحق تعالى نعمة أخرى؛ وهي فلق البحر وإغراق العدو، فقال:
يقول الحقّ جلّ جلاله: واذكروا أيضاً حين { فرقنا } بسببكم { البحر }، حين فررتم من عدوكم، فسلكتم فيه اثنيْ عشر مسلكاً يابساً، حتى خلصتم إلى الشام، فلما أدرككم عدوُّكم، واسْتَتَمَّ دخولهُ فيه، أطبقنا عليهم البحر { فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون } وأنتم تعاينون غرقهم وهلاكهم، فاشكروا هذه النعم التي أنعمت بها على أسلافكم، واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم على نبي أُمي، لم يكن له علم بهذا، حتى علمه بالوحي من ربكم.
الإشارة: قال بعض الحكماء: (الهوى بحر لا ساحل له إلا الموت): فلا يقطع بحر الحظوظ والعوائد، إلا الخواص، الذين منَّ الله عليهم بسلوك الطريقة، والغرق في بحر الحقيقة، على يد رجلا جمعوا بين الشريعة والحقيقة، فيقول الحق - جلّ جلاله - لمن تخلَّص من بحر هواه، وأفضى إلى مشاهدة مولاه: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم؛ حيث خلصتكم من بحر الشهوات والعوائد، وأطلعتكم على أسرار العلوم وذخائر الفوائد، وأغرقنا فيه من تكبّر وطغى، وأنتم تنظرون ما فيه الناس من غم الحجاب وسوء الحساب، في بحر لجى يغشاه موج الذنوب، من فوقه موج الحظوظ، من فوقه سحاب الأثر، إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً لما له من نور. وبالله التوفيق.