التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٥١
-القصص

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: يقال: وصلت الشيء: جعلته موصولاً بعضه ببعض، ويقال: وصلت إليه الكتاب: أبلغته.
يقول الحق جل جلاله: { ولقد وصَّلْنا لهم } أي: لقريش ولغيرهم، { القولَ }؛ القرآن، أي: تابعناه موصولاً بعضه ببعض في المواعظ والزواجر، والدعاء إلى الإسلام. قال ابن عطية. وقال ابن عرفة اللُّغَوِي: أي: أنزلناه شيئاً بعد شيء، ليصل بعضه ببعض، ليكونوا له أوعى. هـ. وتنزيله كذلك؛ ليكون أبلغ في التذكير؛ ولذلك قال: { لعلهم يتذكرون } يعني: أن القرآن أتاهم متتابعاً متواصلاً؛ وعداً، ووعيداً، وقصصاً، وعِبَراً، ومواعظ؛ ليتذكروا فيفلحوا. وقيل: معنى وصلنا: أبلغنا. وهو أقرب؛ لتبادر الفهم، وفي البخاري: أي: "بيّنا وأتممنا". وهو عن ابن عباس. وقال مجاهد: فصّلنا. وقال ابن زيد: وَصَلْنَا خير الدنيا بخير الآخرة، حتى كأنهم عاينوا الآخرة في الدنيا.
الإشارة: تفريق المواعظ في الأيام، شيئاً فشيئاً، أبلغ وأنفع من سردها كلها في يوم واحد. وفي الحديث: "كان صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بالموعِظَةِ، مَخَافَة السآمة علينا", والتخول: التعاهد شيئاً فشيئاً. والله تعالى أعلم.
ثم ذكر من آمن به وعرف قدره، فقال: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ... }