التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً
١٠٣
-النساء

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحقّ جلّ جلاله: فإذا فرغتم من الصلاة { فاذكروا الله } في جميع أحوالكم { قيامًا وقعودًا وعلى جنوبكم } إن أردتم حراسة قلوبكم، والنصر على عدوكم، أو إذا أردتم قضاءَ الصلوات وأداء فرضها، وأنتم في المعركة، فصلوا كما أمكنكم { قيامًا } راجلين أو على خيولكم إيماءً، وحلَّ للضرورة حينئٍذ مشى وركض وطعن وعدم توجه وإمساك ملطخ، وتنبيهٌ وتحذيرٌ، هذا للصحيح، { وقعودًا وعلى جنوبكم }، للمريض أو الجريح، هكذا قال جمهور الفقهاء في صلاة المسايفة وقال أبو حنيفة: لا يصلي المحارب حتى يطمئن.
{ فإذا اطمأننتم } وذهب الخوفُ عنكم { فأقيموا الصلاة } على هيأتها المعلومة، واحفظوا أركانها وشروطها، وأُتوا بها تامة، { إن الصلاة كانت المؤمنين كتابًا موقوتًا } أي: فرضًا محدود الأوقات، لا يجوز إخراجها عن وقتها في شيء من الأحوال. قال البيضاوي: وهذا دليل على أن المراد بالذكر الصلاة، وأنها واجبة الأداء، حال المسايفة، والاضطراب في المعركة، وتعليلٌ للأمر بالإتيان بها، كيف أمكن.
الإشارة: إذا فرغتم من الصلاة الحسية، فاستغرقوا أحواكم في الصلاة القلبية، حتى تطمئن قلوبكم في الحضرة القدسية، فإذا اطمأننتم في الحضرة، فأقيموا صلاة الشهود والنظرة، وهي الصلاة الدائمة، قال تعالى:
{ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } [المعَارج:23]. وقال الورتجبي: إذا كنتم في حالةِ التمكين وامتلأتم من أنوار ذكره، فينبغي أن تخرجوا من أبواب الرخص، والاستراحة في سعة الروح، وترجعوا إلى مقام الصلاة، فإن آخر سيركم في ربوبيتي: أول بدايتكم في عبوديتي. هـ.