التفاسير

< >
عرض

وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً
١٥٩
-النساء

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحقّ جلّ جلاله: { وإن من أهل الكتاب } أي: ما من يهودي ولا نصراني، أي: الموجودين حيث نزوله { إلا ليؤمِنَنّ } بعيسى { قبل موته } أي: عيسى، وذلك حين نزوله من السماء، رُوِيَ أنه ينزل من السماء حين يخرج الدجال فيهلكه، ولا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ويؤمن به، حتى تكون الملة واحدة، وهي ملة الإسلام، وتقع الأمنة حتى يرتع الأسود مع الإبل، والنمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات، ويلبث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفّى ويصلى عليه المسلمون ويدفنونه.
وقيل الضمير فيه { به } إلى عيسى، وفي { موته } إلى الكتابي، أي: وإن من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن بعيسى بأنه عبد الله ورسوله، { قبل موته } أي: قبل خروج نفس ذلك الكتابي إذا عاين الملك، فلا ينفعه حينئٍذ إيمانه، لأن كل من نزل به الموت لم تخرج نفسه حتى يتبين له الحق من الباطل، ويؤيد هذا قراءة من قرأ: ( ليُؤمنُنَّ به قبل موتهم) بضم النون، لأن (أحدًا) في معنى الجمع، وهذا كالوعيد لهم والتحريض على معالجة الإيمان به من قبل أن يُضطر إليه ولم ينفعه إيمانه، { ويوم القيامة يكون عليه شهيدًا } يشهد على اليهود بالتكذيب، وعلى النصارى بأنهم دعوه ابن الله. والله تعالى أعلم.
الإشارة: عند الموت تتحقق الحقائق، ويتميز الحق من الباطل، ويحصل الندم ولا ينفع حين تزل القدم، فالمطلوب المبادرة بتحقيق الإيمان، وتحصيل مقام العرفان، قبل أن يسقط إلى جنبه، فينفرد رهينًا في قبره بذنبه، والله تعالى أعلم.