التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ وَٱلنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
٦٩
-المائدة

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: { والصابئون }: مبتدأ، والخبر محذوف، أي: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والصابئون كذلك. انظر البيضاوي وابن هشام.
يقول الحقّ جلّ جلاله: { إن الذين آمنوا } بمحمد صلى الله عليه وسلم { والذين هادوا والصابئون }: قوم بين النصارى والمجوس، أو عباد الكواكب، أو قوم بقوا على دين نوح ـ عليه السلام ـ { والنصارى }: قوم عيسى، { من آمن } منه { بالله } إيمانًا حقيقيًا؛ بلا شرك ولا تفريق، وآمن باليوم الآخر، { وعمل صالحًا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون }، قال ابن عباس: نسخها:
{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } [آل عِمرَان:85]، وقيل: إن هؤلاء الطوائف من آمن منهم إيمانًا صحيحًا فله أجره، فيكون في حق المؤمنين: الثبات عليه إلى الموت، وفي حق غيرهم: الدخول في الإسلام، فلا نسخ. وقيل: إنها فيمن كان قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم فلا نسخ أيضًا. قاله ابن جزي.
الإشارة: الذي طلب الله من العباد ورغبهم في تحصيله، وجعله سببًا للنجاة من كل هول في الدنيا والآخرة ثلاثة أمور: أحدها: تحقيق الإيمان بالله، والترقي فيه إلى محل شهود المعبود، والثاني: تحقيق الإيمان بالبعث وما بعده، حتى يكون نصب عينيه، ويقربه كأنه واقع يشاهده؛ إذ كل آت قريب. والثالث: إتقان العمل إظهارًا للعبودية، وتعظيمًا لكمال الربوبية، على قدر الاستطاعة من غير تفريط ولا إفراط، وبالله التوفيق.
ثم خصّ اليهود بالعتاب لعظم جرأتهم، فقال: { لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ }.