التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ
١٠
-الأنعام

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: حاق يَحِيق حَيقًا، أي: نزل وأحاط، و { منهم }: يتعلق بسخروا، و { ما كانوا }: الموصول اسمي أو حرفي.
يقول الحق جلّ جلاله: في تسلية رسوله صلى الله عليه وسلم: { ولقد استُهزىء برسل } كثير { من قبلك } فصبروا على أذى قومهم حتى أهلكهم الله، { فحاق } أي: أحاط { بالذين سَخروا منهم ما كانوا به يستهزءون } أي: نزل بهم العذاب الذي كانوا يستهزءون به ويستبعدونه، أو: نزل بهم وبالُ استهزائهم وهو الهلاك.
الإشارة: كل ما سُلِّيت به الرسل تسلَّى به الأولياء، فما من ولي صِدِّيق إلا ابتلاه الله بتسليط الخلق عليه؛ حتى ترحلَ رُوحه عن هذا العالم لضِيقه عليها، وتتمكن من شهود عالم الملكوت، فإذا طهرت منه البقايا، وكملت فيه المزايا، ردَّه إليهم غنيًّا عنهم، وغائبًا عنهم، جسمُه مع الخلق وقلبه مع الحق. هذه سُنة الله في أوليائه، فكل وليّ يتسلى بمن قبله في إيذاء الخلق له. غير أن أولياء هذه الأمة إذا كمل مقامهم صاروا على قَدَم نبيهم، يكونون رحمة للعباد، مَن آذاهم لا يُعاجَل بالعقوبة غالبًا، كما كان نبيهم رحمة للعالمين، فقال:
"اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" . والله تعالى اعلم.
ثم جدَّد الأمر بالاعتبار، فقال: { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ }.