التفاسير

< >
عرض

قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أَوْلَٰدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفْتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ
١٤٠
-الأنعام

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: { سفهًا }: حال أو مصدر، وكذلك: { افتراء }.
يقول الحقّ جلّ جلاله: { قد خسر الذين قتلوا أولادهم }؛ يعني: العرب الذين كانوا يقتلون بناتهم مخافة السبي أو الفقر، { بغير علم } ولا دليل؛ لخفة عقلهم وجهلهم بأن الله رازق أولادهم كما يرزقهم، وليسوا هم الرزاقين لهم، { وحرَّموا ما رزقهم الله } من البحائر والسوائب ونحوهما؛ { افتراء على الله } من عند أنفسهم، { قد ضلوا وما كانوا مهتدين } إلى الحق الصواب.
الإشارة: قد خسر الذين ضيعوا قلوبهم فلم تنتج لهم شيئًا من أبكار الحقائق وأسرار العلوم، بل اشتغلوا بالسفه من القول والفعل، بغير علم ولا بصيرة نافذة، وحرموا ما رزقهم الله من العلوم والأسرار، لو طهروا قلوبهم، وخربوا ظواهرهم وخرقوا عوائدهم، لكنهم حكموا على فعل ذلك بالتحريم، تجمدوا على علم الرسوم وحفظ المروءة، والمروءة إنما هي التقوى والدين، كما قال الإمام مالك رضي الله عنه، قد ضلوا عن طريق الوصول، وما كانوا مهتدين إلى طريق الخصوص، ما داموا على ما هم عليه من زيّ اللصوص.
ثم بيَّن أن الأشياء كلها لله، ليس لأحد فيها شيء حتى يحلل منها أو يحرم، فقال: { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّاتٍ }.