التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٢٠
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ
٢١
-الأنعام

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحقّ جلّ جلاله: { الذين آتيناهم الكتاب } من اليهود والنصارى، { يعرفونه } أي: محمدًا صلى الله عليه وسلم بحليته المذكورة في التوراة والإنجيل، { كما يعرفون أبناءهم } أو أشد، وإنما كتموه؛ جحدًا وخوفًا على رياستهم.. { الذين خسروا أنفسهم } من أهل الكتاب؛ حيث كذَّبوا وكتموا، ومن المشركين حيث كفروا وجحدوا، { فهم لا يؤمنون }؛ لتضييعهم ما به يُكتسب الإيمان من النظر والتفكير والإنصاف للحق، فقد ظلموا أنفسهم وبخسوها.
{ ومَن أظلم ممّن افترى على الله كذبًا }؛ بأن كتم شهادة الحق، وهي صفة الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أو ادّعاءُ الملائكة بنات الله، وهؤلاء شفعاؤنا عند الله، { أو كذَّب بآياته }؛ كالقرآن والمعجزات وسمَّوها سِحرًا، أي: لا أحد أظلم ممن فَعل هذا، وإنما عبَّر بـ"أو"، وهم قد جمعوا بين الأمرين؛ تنبيهًا على أن كل واحد منهما وحده بالِغٌ غاية الإفراط في الظلم على النفس، { إنه } أي: الأمر والشأن { لا يُفلح الظالمون }، فضلاً عمّن لا أحد أظلم منه.
الإشارة: أقبحُ الناس منزلة عند الله، من تحقق بخصوصية ولي من أولياء الله، ثم كَتمها وجَحدها؛ حسدًا وعنادًا، وجعل يُنكر عليه، فقد آذن بحرب من الله، فالتسليمُ عناية، والانتقاد جناية، والاستنصافُ من شأن الكرام، والتعصب من شأن اللئام. وبالله التوفيق.
ثم ذكر وعيد أهل الشّرك، فقال: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً }.