التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ
٩٨
-الأنعام

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: من قرأ (مستقر) بفتح القاف، فمصدر، أو اسم مكان ومن قرأه بالكسر، فاسم فاعل، وعلى كل ـ هو مبتدأ، حذف خبره؛ الجار والمجرور، أي: لكم مستقر.
يقول الحقّ جلّ جلاله: { وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة } آدم عليه السلام { فمستقر ومستودع } أي: فلكم استقرار في الأصلاب أو فوق الأرض، واستيداع في الأرحام أو تحت الأرض، أو موضع استقرار واستيداع فيهما، أو: فمنكم مُستَقِّر في الأصلاب أو في الأرض، أي: قارٌّ فيهما، ومنكم مستودَع في الأرحام أو تحت الأرض.
وقيل: الاستقرار: في الأرحام، والاستيداع: في الصلب، بدليل قوله:
{ وَنُقِرُّ في الأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ } [الحَجّ:5].
{ قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون } أي: يفهمون دقائق أسرار القدرة، ذكر مع النجوم، { يعلمون }؛ لأن أمرها ظاهر، وذكر مع تخليق بني آدم؛ { يفقهون }؛ لأن إنشاءهم من نفس واحدة، وتصريفهم على أحوال مختلفة، دقيق يحتاج إلى زيادة تفهم وتدقيق نظر.
الإشارة: بعض الأرواح مستقرها الفناء في الذات، ومستودعها الفناء في الصفات، وهم العارفون من أهل الإحسان، وبعضها مستقرها الفناء في الصفات، ومستودعها الاستشراف على الفناء في الذات، وهم أهل الإيمان بالغيب. وقال الورتجبي: بعض الأرواح مستقرها الصفات، ومستودعها الذات، بنعت البقاء في الصفات، والفناء في الذات، لأن القَدَم مُنزه أن يحل فيه الحدث. هـ.
ثم ذكر بُرهاناً آخر، فقال: { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً }.