التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ
٥٠
ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلْعَبِيدِ
٥١
-الأنفال

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

قلت: جواب (لو) محذوف أي: لرأيت أمراً عظيماً، و(الملائكة): فاعل (يتوفى) فلا يوقف على ما قبله، ويرجحه قراءة ابن عامر بالتاء، ويجوز أن يكون الفاعل ضمير (الله)، و (الملائكة) مبتدأ، و (يضربون): خبر، والجملة: حال من (الذين كفروا)، والرابط: ضمير الواو، وعلى هذا فيوقف على ما قبله، وعلى الأول (يضربون): حال من الملائكة، (وذُوقوا): عطف على (يضربون) على حذف القول، أي: ويقولون ذوقوا. و (ذلك): مبتدأ، (بما قدمت): خبر، و (أن الله): عطف على "ما"؛ للدلالة على أن مقيدة بانضمامه إليه. انظر البيضاوي.
يقول الحق جل جلاله: { ولو ترى } يا محمد، أو يا من تصح منكم الرؤية، حال { الذين كفروا } حين تتوفاهم { الملائكةُ } ببدر، أو مطلقاً، وهم { يضربون وجوهَهُم وأدبارَهم }، أو حين يتوفاهم الله ويقبض أرواحهم، حال كونهم الملائكة يضربون وجوههم وظهورهم، أو أستاهَهُم، لرأيت أمراً فظيعاً. { و } يقولون لهم: { ذُوقوا } أي: باشروا { عذابَ الحريق } يوم القيامة؛ بشارة لهم بما يلقون من العذاب في الآخرة. وقيل: تكون معهم مقامع من حديد، كلما ضربوا التهبت النار منها، { ذلك } العذاب إنما وقع بكم { بما }؛ بسبب { قدمت أيديكم } أي: بما كسبتم من الكفر والمعاصي، { وأَنَّ الله ليس بظلام للعبيد }؛ حتى يعذب بلا سبب، أو يهمل العباد بلا جزاء.
الإشارة: قد ذكر الحق جل جلاله حال الكاملين في العصيان في هذه الآية، وذكر في سورة النحل الكاملين في الطاعة بقوله:
{ { الَّذِينَ تَتَوَفّاَهُمُ المَلائَكَةُ طَيِّبِين } َ }...[النحل:32] الآية، وسكت عن المخلطين، ولعلهم يرون طرفاً من هذا أو طرفاً من هذا، والله تعالى أعلم.
ثم ذكر حال المتقدمين من الجبابرة، فقال: { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ }.