{ قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ }
ثم ذكر سبب إبطال عملهم وصدقاتهم، فقال:
{ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ }
قلت: (أن تُقبل): بدل من ضمير (منعهم)، أو على حذف الجار، و (إلا أنهم كفروا): فاعل، أي: وما منع قبول نفقاتهم، أو من قبول نفقاتهم، إلا كفرهم بالله وبرسوله، ويحتمل أن يكون الفاعل ضميراً يعود على الله تعالى و (إنهم) مفعول من أجله.
يقول الحق جل جلاله: { وما منعهم }؛ وما منع المنافقين من قبول نفقاتهم وأعمالهم { إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله }؛ إلا كُفرهم بالله وبرسوله، أو: ما منعهم الله من قبول نفقاتهم إلا لأجل كفرهم بالله وبرسوله، وكونه { لا يأتُونَ الصلاةَ إلا وهم كُسَالى }؛ متثاقلين، { ولا ينفقون إلا وهم كَارِهُون } أي: لا يُعطون المال إلا في حال كراهيتهم للإعطاء؛ لأنهم لا يرجون ثواباً ولا يخافون بتركها عقاباً، فهم يعطون ذلك رياء ونفاقاً.
الإشارة: لا يتقبل الله إلا عمل المخلصين، إما إخلاص العوام؛ لقصد الثواب وخوف العقاب، أو إخلاص الخواص؛ لإظهار العبودية وإجلال الربوبية، وعلامة الإخلاص: وجود النشاط والخفة حال المباشرة للعمل، أو قبلها والغيبة عنه بعد الوقوع، والله تعالى أعلم.
ثم نهى عن الإغترار بحال المنافقين، فقال: { فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ }.