التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَٰهِيمَ وَأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٧٠
-التوبة

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

يقول الحق جل جلاله: في شأن المنافقين: { ألم يأتهم نبأُ }: خبر { الذين من قبلِهمْ }، كيف دمرهم الله وأهلكهم، حيث خالفوا رسلهم، { قوم نوح }؛ أغرقهم بالطوفان، { و } وقوم { عاد }؛ أهلكهم بالريح، { وثمودَ }؛ أهلكهم بالصيحة، { وقومِ إبراهيم }؛ أهلك نمرود ببعوض، وأهلك أصحابه به، أرسل عليهم سحابة من البعوض فخرطتهم، ودخلت بعوضة في دماغه فأكلت دماغه، حتى هلك، { وأصحاب مَدينَ }، وهم قوم شعيب، أُهلكوا بالنار يوم الظلة، { والمؤتفكات }؛ مدائن قوم لوط، ائتفكت بهم، أي انقلبت، فصار عاليها سافلها، وأمطروا حجارات من سجيل. { أتتهم رسلُهم } أي: كل واحدة منهن أتاها رسول { بالبيات }؛ بالمعجزات الواضحة، { فما كان الله ليظلمهم } أي: لم يكن من عادته ما يشابه ظلم الناس، كالعقاب بلا جرم. { ولكن كانوا أنفسهم يَظلمُون }؛ حيث عرضوها للعقاب بالكفر والتكذيب.
الإشارة: ينبغي للمؤمن المشفق على نفسه أن يتحرى مواطن الهلكة، فيجتنبها بقدر الإمكان؛ فينظر ما فعل الله بأهل المخالفة والمعاصي، فيهرب منها بقدر إمكانه، وينظر ما فعل بأهل طاعته وطاعة رسوله من النصر والعز في الدارين، فيبادر إليها فوق ما يطيق، ويعظم الرسل، ومن كان على قدمهم ممن حمل الأمانة بعدهم، ويشد يده على صحبتهم وخدمتهم؛ فهذا يسعد سعادة الدارين. وبالله التوفيق.
ثم ذكر أضداد المنافقين، فقال: { وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ }.