التفاسير

< >
عرض

أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ
١٧
-هود

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } إلى قوله { لاَ يُؤْمِنُونَ }.
والمعنى: أفمن كان على بينة من ربه، كالذي يريد الحياة الدنيا وزينتها، وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
والهاء في "ربه" تعود عليه. قال ذلك قتادة، وعكرمة، والنخعي.
وقوله: { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ }: أي: ويتلو محمداً شاهد منه، أي: من الله، وهو القرآن.
وقيل: المعنى: ويتلو القرآن شاهداً منه، أي: من محمد. وهو لسانه، أي: يقرأه: وهو قول الحسن، ومعمر.
ويجوز أن تكون الهاء في ويتلوه للبينة، لأنها بمعنى البيان.
وقال ابن عباس: { شَاهِدٌ مِّنْهُ }: هو جبريل عليه السلام، يتلو القرآن من عند الله عز وجل، على محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال مجاهد: هو مَلَكٌ مع النبي صلى الله عليه وسلم، يحفظه من عند الله، سبحانه.
وقيل: إن قوله { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ }، يعني: به النبي صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين. ودلّ على ذلك قوله: { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ }.
وقيل: المعنى: ويتلوه شاهد من الله، عز وجل، والشاهد: الإنجيل، ويتلوه القرآن بالتصديق.
{ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ }، أي ومن قبل الإنجيل التوراة.
وقال الزجاج: المعنى: ويتلوه من قبله كتاب موسى، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، موصوف في التوراة، والإنجيل.
وحكى أبو حاتم: (ومن قبله كتابَ موسى) بالنصب، على العطف على الهاء في "يتلوه". أي: ويتلو كتاب موسى جبريل، فهو من التلاوة التي هي القراءة، وكذلك قال ابن عباس، قال: (الشاهد): جبريل، و "منه": من الله عز وجل. و "من قبله" تَلَى جبريل كتاب موسى على موسى صلى الله عليه وسلم. ويجوز الرفع في { كِتَابُ } على هذا المعنى، كما تقول: رأيت أخاك، وأباك: أي: وأباك كذلك. فيكون المعنى: ومن قبله كتاب موسى كذلك: أي: تلاه جبريل على موسى، كما تلى على محمد عليهم السلام.
والمعنى: أفمن كان على هذه الحال، كمن هو في الضلالة، والعمى. واختار قوم أن يكون المعنى: أن الشاهد القرآن، يتلوه محمد، أي: بعده شاهداً له. ودل على ذلك قوله: { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ }.
قال ابن عباس: الشاهد جبريل.
قال مجاهد: الشاهد حافظ من الله عز وجل، يحفظ محمداً: أي: ملك.
فالهاء في "منه" تعود على الله، سبحانه، في هذين القولين.
وقيل: (الشاهد): لسان محمد صلى الله عليه وسلم، والهاء تعود على محمدٍ. قاله الحسن.
وقيل: الشاهد هو إعجاز القرآن، والهاء في "منه" للقرآن. والهاء في { يُؤْمِنُونَ بِهِ } للقرآن.
وقيل: الشاهد هو إعجاز القرآن، والهاء في "منه" للقرآن والهاء في { يُؤْمِنُونَ بِهِ } للقرآن، وقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم.
ثم قال تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ }: أي: مَنْ هذه صفته، يؤمن بالقرآن، وإن كفر به هؤلاء الذين قالوا: إن محمداً افتراه.
ثم قال: { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } "يعني: من مشركي العرب، وغيرهم، ممن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة، من كفر بِمُحَمَّدٍ، فالنار موعده يهودياً، كان أو نصرانياً، أو غير ذلك.
ثم قال: { فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ } هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد: أمته، { إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ }، أي: القرآن حق من عند الله عز وجل، فلا تكونوا أيها المؤمنون في شك من ذلك.
{ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي: "لا يصدقون، بأن ذلك كذلك". { شَاهِدٌ مِّنْهُ }: وقف عند نافع على معنى: ويتلو القرآن شاهد من الله، وهو جبريل.
{ يُؤْمِنُونَ بِهِ }: وقف، وكذلك: { فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ }، وكذلك { فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ }.