قوله: { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } إلى قوله { لاَ يُؤْمِنُونَ }.
والمعنى: أفمن كان على بينة من ربه، كالذي يريد الحياة الدنيا وزينتها، وهو النبي صلى الله عليه وسلم.
والهاء في "ربه" تعود عليه. قال ذلك قتادة، وعكرمة، والنخعي.
وقوله: { وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ }: أي: ويتلو محمداً شاهد منه، أي: من الله، وهو القرآن.
وقيل: المعنى: ويتلو القرآن شاهداً منه، أي: من محمد. وهو لسانه، أي: يقرأه: وهو قول الحسن، ومعمر.
ويجوز أن تكون الهاء في ويتلوه للبينة، لأنها بمعنى البيان.
وقال ابن عباس: { شَاهِدٌ مِّنْهُ }: هو جبريل عليه السلام، يتلو القرآن من عند الله عز وجل، على محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال مجاهد: هو مَلَكٌ مع النبي صلى الله عليه وسلم، يحفظه من عند الله، سبحانه.
وقيل: إن قوله { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ }، يعني: به النبي صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين. ودلّ على ذلك قوله: { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ }.
وقيل: المعنى: ويتلوه شاهد من الله، عز وجل، والشاهد: الإنجيل، ويتلوه القرآن بالتصديق.
{ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ }، أي ومن قبل الإنجيل التوراة.
وقال الزجاج: المعنى: ويتلوه من قبله كتاب موسى، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، موصوف في التوراة، والإنجيل.
وحكى أبو حاتم: (ومن قبله كتابَ موسى) بالنصب، على العطف على الهاء في "يتلوه". أي: ويتلو كتاب موسى جبريل، فهو من التلاوة التي هي القراءة، وكذلك قال ابن عباس، قال: (الشاهد): جبريل، و "منه": من الله عز وجل. و "من قبله" تَلَى جبريل كتاب موسى على موسى صلى الله عليه وسلم. ويجوز الرفع في { كِتَابُ } على هذا المعنى، كما تقول: رأيت أخاك، وأباك: أي: وأباك كذلك. فيكون المعنى: ومن قبله كتاب موسى كذلك: أي: تلاه جبريل على موسى، كما تلى على محمد عليهم السلام.
والمعنى: أفمن كان على هذه الحال، كمن هو في الضلالة، والعمى. واختار قوم أن يكون المعنى: أن الشاهد القرآن، يتلوه محمد، أي: بعده شاهداً له. ودل على ذلك قوله: { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ }.
قال ابن عباس: الشاهد جبريل.
قال مجاهد: الشاهد حافظ من الله عز وجل، يحفظ محمداً: أي: ملك.
فالهاء في "منه" تعود على الله، سبحانه، في هذين القولين.
وقيل: (الشاهد): لسان محمد صلى الله عليه وسلم، والهاء تعود على محمدٍ. قاله الحسن.
وقيل: الشاهد هو إعجاز القرآن، والهاء في "منه" للقرآن. والهاء في { يُؤْمِنُونَ بِهِ } للقرآن.
وقيل: الشاهد هو إعجاز القرآن، والهاء في "منه" للقرآن والهاء في { يُؤْمِنُونَ بِهِ } للقرآن، وقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم.
ثم قال تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ }: أي: مَنْ هذه صفته، يؤمن بالقرآن، وإن كفر به هؤلاء الذين قالوا: إن محمداً افتراه.
ثم قال: { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } "يعني: من مشركي العرب، وغيرهم، ممن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة، من كفر بِمُحَمَّدٍ، فالنار موعده يهودياً، كان أو نصرانياً، أو غير ذلك.
ثم قال: { فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ } هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد: أمته، { إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ }، أي: القرآن حق من عند الله عز وجل، فلا تكونوا أيها المؤمنون في شك من ذلك.
{ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي: "لا يصدقون، بأن ذلك كذلك". { شَاهِدٌ مِّنْهُ }: وقف عند نافع على معنى: ويتلو القرآن شاهد من الله، وهو جبريل.
{ يُؤْمِنُونَ بِهِ }: وقف، وكذلك: { فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ }، وكذلك { فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ }.