التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ
٧٤
قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ
٧٥
فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ
٧٦
-يوسف

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { (قَالُواْ) فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ } - إلى قوله - { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ }. المعنى: قال أصحاب يوسف / عليه السلام لإخوته: فما جزاء من وجد الصاع في رحله إن كنتم كاذبين في قولكم: { مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } { قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ }.
المعنى: قال إخوة يوسف لأصحابه: جزاؤه عندنا كجزائه عندكم، أي: أن يستعبد من سرق.
ويقال: إن هذا كان في شريعة يعقوب عليه السلام نسخه الله عز وجل، بالقطع. وقيل: المعنى جزاؤه الاستعباد من وُجِد في رحله، فهو جزاؤه. فهو يعود على الاستعباد المحذوف.
وقال الطبري: المعنى: قال إخوة يوسف: جزاء السارق من وجد في متاعه السَّرقُ، فهو جزاؤه: أي: فتسليم السارق جزاء السرق. وإنما سأل إخوة [يوسف] عن الجزاء، لأن أصحاب يوسف ردوا الحكم إليهم. وذلك أنه كان في شريعة يعقوب أن يستعبد السارق، وكان في حكم الملك: إذا سرق السارق غرم مثله. فرد الحكم إليهم.
وقرأ الحسن: "من وعَاءِ أخيه" بضم الواو.
{ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ }: أي: في أن حكموا على أنفسهم بالاسترقاق على شريعتهم. وأضاف الكيد إلى نفسه، لأن الذي فعل يوسف (جزاءاً عن) أمر الله كان، وعن مشيئته، وبوحيه ليوسف.
قوله: { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ }: أي: في حكمه، بل أخذه بحكم يعقوب. { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ }: ذلك بكيده.
وقيل: المعنى: { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ }: أن يطلق له مثل هذا الكيد.
وقوله: { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ } قال زيد بن أسلم: يعني: بالعلم.
وقيل: معنى الكيد: أنهم كانوا لا ينظرون في وعاء إلا استغفروا الله تأثُماً، مما قُذفوا به. فلما وصلوا إلى وعاء أخيهم، قالوا ما نرى (أن) هذا أخذ شيئاً. قال إخوة يوسف: بلى فاستبروا ففتح فوجد الصواع فيه: فذلك الكيد. قال ذلك قتادة والسدّي، وغيرهما.
وقوله: { ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ } يعني به الصواع. وإنما أنثت، لأنه بمعنى السقاية، فهما لشيء واحد.
وقيل: إنه على معنى السرقة، وقيل: إن الصواع يذكر ويؤنث.
وقوله: { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ (عَلِيمٌ) } أي: فوق كل عالم من هو أعلم منه، حتى ينتهي ذلك إلى الله عز وجل.