قوله: { ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي } إلى قوله { مَا لاَ تَعْلَمُونَ } المعنى: أن يوسف لما أعلم إخوته بنفسه سألهم عن حال أبيهم، فقالوا: ذهب بصره من الحزن، فعند ذلك أعطاهم قميصه، وأمرهم أن يلقوه على وجه أبيهم.
{ يَأْتِ بَصِيراً }: أي: يَعُدْ بصيراً.
{ وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ }: أي: جيئوني بهم.
قيل: إن القميص كان من الجنة كساه الله عز وجل إبراهيم حين ألقي في النار.
وقوله: { وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ } أي خرجت من مصر، يعني: عير بني يعقوب.
ذكر أن الريح استأذنت ربها في أن تأتي يعقوب بريح يوسف، قبل أن يأتيه البشير، فأذن لها، فأتته [به] من مسيرة ثمان ليال، فقال: { إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ }.
وقوله: { لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ }، (أي): تسفهون، فتقولون: ذهب عقلك.
وقيل: معناه: لولا أن تكذبون، قاله السدي، والضحاك.
{ قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ }، أي: في خطئك.
قال له ذلك من بقي من ولده.
ثم قال تعالى: مخبراً لنا عن حال يعقوب إذ جاءه البشير بأمر يوسف: { فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ / وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ بَصِيراً }: وكان البشير يهوذا أخا يوسف لأبيه صلى الله عليه وسلم.
قال السدي: لما قال يوسف { ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا }. قال يهوذا بن يعقوب: أنا ذهبت إلى يعقوب بالقميص، مُلَطَخاً بِالدَّم، وقلت له: إن يوسف أكله الذئب. فالآن أذهب أنا بالقميص، فأخبره أنه حي، فأفرحه كما أَحْزَنْتُهُ.
قوله: { أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ }: أي: (ألقى) القميص على وجه يعقوب، فعاد بصره، بعدما كان عمي. فقال لمن حضره من ولده: { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ (مَا لاَ تَعْلَمُونَ) } إنه سيرد علي ولدي يوسف ويجمع بيني وبينه، وأنتم لا تعلمون من ذلك شيئاً.
وروي أن يعقوب قال للبشير: "هون الله عليك غصص الموت"، كأنه استقال له أن يكافأه بشيء من عرض الدنيا.
وروي أيضاً عن سفيان، أنه قال: لما جاء البشير إلى يعقوب، قال له يعقوب: على أيِّ دين تركته؟ قال: (على دين) الإسلام، قال يعقوب: ألآن تمت النعمة وروي أنه لما التقى يوسف ويعقوب بأرض مصر، قال له يوسف: يا أبت بلغني (عنك) أنك بكيت عليّ حتى ذهب بصرك، وحزنت حتى انحط ظهرك. قال يعقوب: قد كان ذلك يا بني. قال له يوسف: أفما كانت القيامة تجمعني وتجمعك؟ قال يعقوب: بلى، ولكن تخوفت أن تبدل دينك فلا تلقني.