تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه
قوله: { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ }.
قيل: "كثير" هنا واحد، وهو كعب بن الأشرف /. قاله الزهري.
وقيل: هما ابنا أخطب. قاله ابن عباس.
وقيل: هو عام في أكثرهم.
وفي الآية تقديم وتأخير، معناها: "وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً".
ومعنى: { مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ } أي: لم يؤمروا به، ولا وجدوه في كتاب إنما اخترقوه واخترعوه من قبل أنفسهم.
{ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ } أي: من بعد ما ظهر لهم أمر محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة [وصفته وعلاماته] فكفروا به وأحبوا أن تكفروا معهم به بعد إيمانكم حسداً وبغياً.
ثم قال: { فَٱعْفُواْ وَٱصْفَحُواْ }.
أمر الله عز وجل المؤمنين بالعفو عنهم إلى وقت يأتي فيه أمر الله تعالى بترك العفو. فالآية منسوخة بالأمر بقتالهم وقتلهم وهو قوله: { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ } [التوبة: 5] وقوله: { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [التوبة: 29] الآيتان.
وقوله: { وَٱقْتُلُوهُمْ } [البقرة: 191].