التفاسير

< >
عرض

وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ
١٩٥
-البقرة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ }.
قال النبي [عليه السلام]:
"مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً في سَبِيلِ الله كُتِبَتْ لَهُ بِسَبْعِمائة ضِعْفٍ" .
و "إِلَى" متعلقة بـ { تُلْقُواْ }. والباء متعلقة بالمصدر عند المبرد، وهي زائدة عند الأخفش.
والتهلكة: الهلاك. حضّ الله المسلمين على النفقة في سبيله والجهاد لئلا يقوى العدو، فتصير عاقبة أمرهم إلى الهلاك.
والتهلكة عند سفيان: ترك النفقة في سبيل الله عز وجل.
وقال ابن عباس: "التهلكة الإمساك عن النفقة في سبيل الله تعالى" وقال ابن زيد وغيره: "معناه: لا تخرجوا إلى الغزو بغير نفقة، أمروا أن ينفقوا في سبيل الله وأن لا يخرجوا بغير نفقة، فيهلكوا أنفسهم".
وقال زيد بن أسلم: "كان رجال يخرجون إلى البعوث بغير نفقة، فإما أن يقطع بهم، وإما أن يكونوا عالة على الناس، فأمروا ألا يخرجوا على تلك الحال".
وقال البراء بن عازب: "{ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ }: هو الرجل يصيب الذَّنْبَ فيلقي بيده إلى التهلكة، يقول: "لا توبة لي". فأمروا ألا ييأسوا من رحمة الله عز وجل".
وقال أبو قلابة: هو الرجل يصيب الذنوب، فيقول: "لا توبة لي"، فينهمك في المعاصي، [فأمر / ألا ييأس] من رحمة الله سبحانه". وقال أبو أيوب الأنصاري: "فينا نزلت هذه الآية، وذلك أنا / معشر الأنصار لما أعز الله دينه قلنا سراً: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أقمنا فيها نصلحها". فأنزل الله عز وجل يرد علينا ما قد هممنا به من التخلف عن الجهاد".
فمعناه: { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ } أي: لا تتأخروا عما هو أنفع لكم وهو الغزو. والعرب تقول: "ألْقَى فلان بيديه" إذا استسلم.
قوله: { وَأَحْسِنُوۤاْ }.
قيل: معناه: أحسنوا الظن بالله عز وجل في المغفرة لمن تاب. هذا على قول من قال: { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ }. معناه في الذنوب، وألا ييأس من رحمة الله عز وجل.
وقيل معناه: أحسنوا الإنفاق.
وقيل: معناه: أداء الفرائض.
وقيل: معناه: أحسنوا الظن بالله تعالى أنه يضاعف الحسنات ويخلف النفقة.