التفاسير

< >
عرض

وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
٢٨٠
وَٱتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
٢٨١
-البقرة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ }. أي إن وقع ذلك.
ولا خبر لـ "كان"، هي "كان" التامة تستغني باسمها عن الخبر. فليست بالداخلة على الابتداء والخبر، تلك هي الناقصة التي تحتاج إلى خبر.
وقد قيل: إن الخبر محذوف، والتقدير: "وإن كان ذو عسرة في الدين فنظرة إلى ميسرة".
وفي مصحف عبد الله: "وَإِنْ كَانَ ذَا" بالألف على تقدير: وإن كان الذي عليه الدين ذا عسرة، فهي "كان" الناقصة على هذا.
وقرأ مجاهد: "فَنَاظِرْهُ إِلَى مَيْسُرِهِي"، بضم السين، وصلت الهاء بياء.
وهو لحن عتد أهل العربية: ليس في الكلام مفعل بتغيير هاء التأنيث.
قال الأخفش: / "ولو قرأوا بفتح السين لكان حسناً، لأن "مفعلاً" في الكلام كثير".
وقوله: { فَنَظِرَةٌ }. هو من التأخير. ورفعها على معنى: "فعليكم نظرة".
/ وحكى أبو إسحاق: "فناظرة" من التأخير.
وقيل: [هو من أسماء المصادر كقوله:
{ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } [الواقعة: 2]. ورد أبو حاتم ذلك وقال: "إنما يجوز هذا في نظر العين، مثل الذي في النمل قوله: { فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } [النمل: 35].
والمعنى: "إن كان الذين لكم أن ترجعوا عليهم برؤوس أموالكم ذوي عسرة، فعليكم أن تنظروهم إلى مسيرة".
وفتح السين وضمها لغتان. وأجاز النحاس النصب على المصدر. وهذه الآية ناسخة لما كان في أول الإسلام. كان الرجل إذا اتبع في دين ولم يكن معه ما يقضيه بيع في الدين.
روي عن النبي عليه السلام: "أنه أمر أعرابياً ببيع رجل له عليه دين، ولا مال معه".
وقال قوم: "إنما هذا الإنظار في الربا خاصة، وليس لمن عليه دين لا يؤديه إلا السجن حتى يؤديه كان معه أو لم يكن لقوله:
{ إِنَّ ٱللَّهَ / يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا } [النساء: 58].
قال ابن عباس: "نزلت في الربا".
/ وأكثر الفقهاء على أن الآية عامة في كل من عليه دين، ولا شيء معه، ينظر إلى يسره إذا صح فَقْرُهُ وثبت.
قوله: { وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ }.
أي وصدقة رؤوس أموالكم على المعسر خير لكم إن كنتم تعلمون الفضل.
وقال قتادة: "ندبوا أن يتصدَّقوا برؤوس أموالهم على الغني والفقير".
وقال غيره: "ذلك على المعسر خاصة".
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "آخر ما نزل من القرآن آية الربا، وإن نبي الله قبض من قبل أن يفسرها".
قال ابن عباس: "آخر آية نزلت: { وَٱتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ }.
كذلك قال السدي وعطية وابن جريج.
واليوم في هذا يوم القيامة.
وقيل: هو يوم موت الإنسان لأنه وقت قدومه على الله.
ويروى أن النبي عليه السلام قال:
"أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام بِهَذِهِ الآيَةِ، فَقَالَ: اجْعَلْهَا عَلَى رَأْسِ ثَمَانِينَ وَمَائَتَيْنِ مِنَ البَقَرَةِ" .
ومعنى الآية: التحذير والتخويف في أخذ الربا وارتكاب ما نهي عنه.
وروي أنها نزلت على النبي عليه السلام قبل موته بثلاث ساعات فقال النبي عليه السلام:
"اجْعَلُوهَا بَيْنَ آيَةِ الدَّيْنِ وَآيَةِ الرِّبَا" .
وقال مقاتل: "نزلت قبل / وفاته بتسع ليال".