التفاسير

< >
عرض

وَٱتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَٰعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ
٤٨
-البقرة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { لاَّ تَجْزِي }.
أي لا تقضي، "جزى عني الشيء"، قضى، و "أجزأني، كفاني، مهموز.
وقيل: هما بمعنى واحد. وأصل الجزاء القضاء والتعويض.
قوله: { نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ }.
أي لا تقضي ولا تغني. وهي خاصة لقول النبي [عليه السلام]:
"شَفاعَتي لأَهْلِ الكَبائِرِ مِنْ أُمَّتِي" .
ولقوله: "لَيْسَ مِنْ نَبِيّ، إلاّ وقَدْ أُعْطِيَ دَعْوَةً، وإِنّي اخْتَبأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأِمَّتِي وَهِيَ نائِلَة مِنْهُم مَنْ لا يُشْرِكُ بِالله شَيْئاً" .
فألفاظ الآية عامة، ومعناها الخصوص، هي في الكفار خاصة، وفي هذه الآية رد على اليهود لأنهم زعموا أنهم لا يعذبون يوم القيامة لأنهم أبناء الأنبياء، وأن آباءهم يشفعون لهم عند الله، فرد الله ذلك عليهم في هذه الآية.
قوله: { مِنْهَا عَدْلٌ }. أي: فداء.
وعن ابن عباس: "عدل: بدل".
وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "العَدْلُ: الفِدْيَةُ".
وقولهم: "لا يقبل منه، صرف ولا عدل".
قيل: العدل: الفدية، والصرف: الحيلة. قاله ابن السكيت.
وقال المازني: "العدل: الفريضة، والصرف: النافلة".
وقيل: للفدية: عدل، لأنها مثل الشيء، وأصل "عدل الشيء" مثله. والعِدل - بكسر العين - ما حُمل على الظهر. يقال: "عِنْدي غلامٌ عِدْلُ غُلامِكَ، وَشاةٌ عِدْلُ شاتِكَ"، بِكسر العين، إذا كان أحدهما يعدل الآخر. وكذلك يفعل في كل شيء يماثل الشيء من جنسه فإن أردت أن عندك / قيمته من غير جنسه فتحت العين فقلت: "عِنْدي عَدْلُ غُلاَمِكَ وَعَدْلُ شاتِكَ". أي قيمتها بفتح العين.
وروي في "العدل" الذي بمعنى الفدية كسر العين لغة.
والضمير في "ولاَّهُمْ" يعود على الكفار لأن النَّفْسَين [المذكورتين تدلان] على ذلك.
وقيل: تعود على النفسين لأنهما بمعنى الجمع لم يقصد بهما قصد نفسين بأعيانهما ولأن التثنية أول الجمع، فهي جمع.