التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ فَأَنجَيْنَٰكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ
٥٠
-البقرة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ }.
أي جعلناه اثني عشر طريقاً على عدد الأسباط. ولما أتى موسى صلى الله عليه وسلم البحر كناه أبا خالد وضربه، فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، أي كالجبل العظيم.
{ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ }. قيل: إنهم كانوا ينظرون إلى آل فرعون يغرقون وهم ينجون.
وقيل: أخرجوا لهم حتى رأوهم.
وقيل: كانوا ينظرون انفلاق البحر لهم.
وقال الفراء: "تنظرون: تعلمون"، واستبعد أن ينظروا إليهم في ذلك الوقت لأنهم كانوا في شغل عن ذلك.
وكان فرعون قد خرج في طلب موسى صلى الله عليه وسلم في سبعين ألفاً من دُهْم الخيل خاصة، وموسى صلى الله عليه وسلم بين يديه حتى قابله البحر، فقال أصحاب موسى:
{ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } [الشعراء: 61]. قال موسى صلى الله عليه وسلم: كلا إن معي ربي سهديني للنجاة قد وَعَدني ذلك، وهو لا يخلف الميعاد. وكان قد أوحى الله إلى موسى صلى الله عليه وسلم أن أضرب بعصاك البحر، وأمر البحر أن ينفلق إذا ضربه موسى صلى الله عليه وسلم فبات البحر يضرب بعضه بعضا فرقاً من الله تعالى، فضربه موسى صلى الله عليه وسلم بالعصا فانفلق، فسلك موسى صلى الله عليه وسلم / ببني إسرائيل وأتبعه فرعون وجنوده. ولما أتى فرعون في أثر موسى صلى الله عليه وسلم وهو على حصان فأراد الدخول فهرب الحصان من البحر فعرض له جبريل على فرس أنثى فقربها منه فشمها ثم تقدم معها [الحصان عليه فرعون حتى دخل، ثم دخل آل فرعون في أثره، وجبريل صلى الله عليه وسلم أمامه]، وميكائيل من وراء القوم على فرس يستحثهم حتى إذا فصل جبريل من البحر ليس قدامه أحد. وبقي ميكائيل من الناحية الأخرى ليس خلفه أحد طبق عليهم البحر. فلما رأى فرعون ما رأى نادى: { لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [يونس: 90] وكان ذلك يوم عاشوراء.
وروي عن ابن عباس أن موسى صلى الله عليه وسلم سرى ليلاً كما قال تعالى:
{ فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً } [الدخان: 23]، فأتبعه فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث، وكان موسى صلى الله عليه وسلم في ستمائة ألف فاحتقرهم فرعون، وقال حين اطلع عليهم: { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } [الشعراء: 54] [الثلاث الآيات]، ولما دخلوا البحر وتفرق كل سبط على طريق، قال السبط الذين مع موسى صلى الله عليه وسلم لموسى: أين أصحابنا؟ قال: سيروا / فإنهم على طريق مثل طريقكم، قالوا: لا نرضى حتى نراهم. قال موسى صلى الله عليه وسلم: اللهم أعِنِّي على أخلاقهم السيئة. فأوحى الله إلى موسى صلى الله عليه وسلم أن يزيد عصاه على البحر في الحيطان فصار فيه كوى ينظر بعضهم إلى بعض.
وموسى اسم أعجمي، أصله فيما ذكر السدي: ماء وشجر، فهو ماء. وسمي بذلك لأن أمه / حين ألقته في اليم بين أشجار عند بيت فرعون فوجده جواري آسية امرأة فرعون، فسمي باسم ذلك المكان الذي أصيب فيه.
فأما موسى فمؤنثة عربية، مشتقة من أسوت إذا أصلحت، ويكون أصله الهمز.
وقيل: هي من "أَوْسَوْتُ" إذا حلقت. وهذا أشبه بها، وكلاهما قريب من الآخر. و[الأصل] للواو في الهمز على هذا.