التفاسير

< >
عرض

يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ
٩
-البقرة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ }.
الخداع: إظهار خلاف الاعتقاد.
وقوله: { وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم }.
أي وباله يرجع عليهم. واختار جماعة من العلماء: (وَمَا يَخْدَعُون) - بفتح الياء وسكون الخاء - من غير ألف، وهي قراءة ابن عامر وأهل الكوفة، وإنما اختاروا ذلك لأن الله جل ذكره أخبر عنهم أولاً أنهم { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ }.
ولفظ قوله: { وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم }، نفي ذلك، فيصير في ظاهر اللفظ قد أوجب شيئاً ثم نفاه بعينه، فوجب أن يختاروا { وَمَا يَخْدَعُونَ } ليكون المنفي على معنى مخالفاً للموجب.
[فأما وجه] قراءة من قرأ الثاني" { وَمَا يَخْدَعُونَ } بألف فهو على معنى: وما يخادعون تلك المخادعة المذكورة عنهم إلا أنفسهم، إذ وبالها راجع عليهم.
و "خادع" في اللغة، يجوز أي يكون معناه / معنى "خدع" من واحد. ومعنى "خدع" بلغ مراده. فلذلك أجمع القراء على { يُخَادِعُونَ } في الأول لأنه ليس بواقع، وفي الثاني { يُخَادِعُونَ } بغير ألف لأنه أخبر تعالى أنه واقع بهم وراجع عليهم.
وذكر القتبي أن معنى الأول: يخادعون بالله الذين آمنوا / وهو قولهم إذا لقوا المؤمنين: آمنا".
وأصل المفاعلة أن تكون من اثنين، لكن قد أتت من واحد، قالوا: "عَاقَبْتُ اللِّصَّ"، "وَطارَقْتُ النَّعْلَ" و "جَازَيْتُ فُلاناً وَحَادَيْتُهُ وَوَادَعْتُهُ وَدارَيْتُهُ".
والمخادعة في هذا المعنى إنما هي للنبي / صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أي يخادعون نبي الله وأولياءه. و "خدع" فعل واقع، و "خادع" فعل يجوز أن يقع، ويجوز ألا يقع، فلذلك اختار بعض العلماء، { وَمَا يَخْدَعُونَ } إلا أنفسهم لأنه فعل واقع بهم بلا شك، "فَيَخْدَعُون" أولى من "يخادعون" الذي يجوز أن يقع، ويجوز ألا يقع.
وقوله: { وَمَا يَشْعُرُونَ }.
أي ليس يشعرون، أي يعلمون أن ضر مخادعتهم راجع عليهم.