التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٩١
-البقرة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { نُؤْمِنُ بِمَآ أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَآءَهُ }.
معناه أنهم إذا قيل / لهم: آمنوا بالقرآن، قالوا: نؤمن بالتوراة، ويكفرون بغيرها من جميع الكتب.
["ووراء" هنا بمعنى: "سِوَى"]. وقيل: هي بمعنى "بعد".
{ وَهُوَ ٱلْحَقُّ }. أي والذي بعد التوراة الحق مصدقاً للتوراة، وهو القرآن [لأن] كُتُب الله يصدق بعضها بعضاً، وفي كل واحد منها الأمر / بالتصديق بغيره من الكتب.
قوله: { فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ }.
أي: إن كنتم تؤمنون بالتوراة كما زعمتم، فَلِمَ قتلتم الأنبياء؟.
قال كعب: "كانت بنو إسرائيل يقتلون سبعين نبياً في يومهم، وتقوم سوق بقلهم في آخر النهار".
فقال: فلم تقتلون أنبياء الله، وهو محرم عليكم في التوراة إن كنتم في / ادعائكم أنكم تؤمنون بالتوراة صادقين.
والمراد بهذا آباؤهم، كل ذلك تكذيب لهم وتعيير.
"وتَقْتُلُونَ" بمعنى "قتلتم"، أي: فلم قتل أسلافكم ودل على ذلك قوله:
{ مِن قَبْلُ } [البقرة: 25].
وقال في موضع آخر:
{ قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ / إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [آل عمران: 183]. فأتى بلفظ الماضي على معنى: فلم قتلتم أسلافكم إن كنتم مؤمنين بما أنزل الله كما زعمتم.
وقيل: إنَّ "إنْ" بمعنى "ما" والمعنى ما كنتم مؤمنين إذ فعلكم هذا ورضاكم به مُتماد. وإنما جاز أن يخاطبوا بذلك وهم لم يفعلوا لأنهم مقيمون على ما كان عليه أسلافهم من سفك الدماء وتغيير التوراة، فخوطبوا بما يخاطب به الفاعل لأنهم مثلهم وإن لم يفعلوا، إذ كان اعتقادهم لا يختلف فهم مشاركون لهم في الفعل راضون بما صنع أسلافهم. فألزموا ما لزم أسلافهم من التقريع والمخاطبة.