التفاسير

< >
عرض

وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَٰؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ
١٨
-المائدة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

/ قوله: { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ } الآية.
معنى الآية أن قوماً من اليهود والنصارى كلمهم النبي صلى الله عليه وسلم وخوّفهم فقالوا: ما تُخَوِفُنَا يا محمد؟ نحن أبناء الله وأحباؤه، فقال الله لنبيه: { قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم (بِذُنُوبِكُم) } إن كنتم كما زعمتم، وذلك أن اليهود قالت:
{ { لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } [البقرة: 80]، فأقروا بالعذاب وادعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه.
ثم قال: قل لهم يا محمد { بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ } أي: أنتم مثل سائر بني آدم، لا فضل لكم عليهم إلا بالطاعة.
{ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ } أي: يستر ذنوبه، وهم المؤمنون، { وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } أي: يميته على الضلالة فيعذبه. وقال السدي في معنى { يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ } أي: يهدي من يشاء في الدنيا فيغفر له، { وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } (أي يميته على الضلالة) فيعذبه.
{ وَ[للَّهِ] مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: تدبيرها وتدبير ما بينهما، وإليه مصيركم فيجازيكم بأعمالكم.
وقوله { فَلِمَ يُعَذِّبُكُم } معناه: فلم عذّبكم بذنوبكم فمسخكم قردة وخنازير؟ وإنما احتج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بما قد كان وعلم، ولم يحتجّ عليهم بما لم يقع بعد، لأنهم ينكرون ذلك ويدّعون أنهم لا يعذبون فيما يستقبلون، فالماضي [أولى] به وعليه المعنى.