التفاسير

< >
عرض

قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ
٦٥
-الأنعام

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ } الآية.
"{ شِيَعاً }: نصب على الحال، أو المصدر". والمعنى: قل لهم يا محمد: الله القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم، أو من تحت أرجلكم، جزاء لشرككم به بعد إذ (نجاكم مما) أنتم فيه.
والعذاب الذي (هو) من فوقهم: هو الرجم، والذي من تحت أرجلهم: الخسف، قاله ابن جبير ومجاهد والسدي.
وقال الفراء { مِّن فَوْقِكُمْ }: المطر والحجارة والطوفان، و { مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ }: الخسف.
وقال ابن عباس: العذاب الذي (هو) من فوق: أئمة السوء، والذي من أسفل: خدمة السوء وسفلة الناس.
وقال الضحاك: { مِّن فَوْقِكُمْ }: من كباركم، { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ }: من سفلتكم.
(و) قوله: { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } (أي) يخلطكم (فرقا، من "لَبَست عليه الأمر": أخلطته فمعناه: يخلطكم) أهواء مختلفة مفترقة.
وقال الفراء: { يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً } أي: ذوي أهواء مختلفة.
وقرأ المدني { يَلْبِسَكُمْ } بضم الياء، من "ألبس".
وقوله: { وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } أصل هذا من "ذوق الطعام"، ثم استعمل في كل ما وصل إلى الرجل من حلاوة أو مرارة أو مكروه.
(قال (ابن عباس): يعني بالسيوف. و) قال ابن عباس: "يسلط (بعضكم) على بعض بالقتل".
وقد قيل: إنه عني بهذا المسلمون من أمة محمد.
قال النبي عليه السلام:
"إني سألت الله في صلاتي هذه ثلاثاً - وأشار إلى صلاة صبح كان قد أبطأ فيها - قال: سألته ألا يُسَلّط على أمتي السّنة، فأعطانيه، وسألته ألا يلبسهم شيعاً، وألا يُذيق بعضَهم بأسَ بعضٍ، فمنعنيهما" .
وروى جابر أن النبي عليه السلام قال: - "لما نزل عليه { قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } -: أعوذ بوجهك. فلما نزل { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ }، قال: هاتان أيْسَرُ وأَهْوَنُ" .
قال الحسن قوله: { أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ }: هذا للمشركين { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ }: هذا للمسلمين.
ثم قال: انظر يا محمد { كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ }، أي: يفقهون ما يقال لهم.