التفاسير

< >
عرض

فَلَماَّ نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلسُوۤءِ وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ
١٦٥
فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ
١٦٦
وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٦٧
-الأعراف

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { فَلَماَّ نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ }، إلى قوله: { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }.
والمعنى: فلما تركت الطائفة التي نهيت عن السوء، ما أمرها الله (عز وجل) به من ترك الاعتداء.
وقيل: نسوا موعظة من وعظهم من المؤمنين، { أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلسُوۤءِ وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ }، أي: وجيع أليم. قاله ابن عباس.
وقيل: { بَئِيسٍ }: رديء.
وقال مجاهد { بِعَذَابٍ بَئِيسٍ }: أليم شديد.
وقال قتادة { بِعَذَابٍ بَئِيسٍ }: موجع.
وقال ابن زيد { بَئِيسٍ }: شديد.
قوله: { فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ }.
أي: تجاوزوا وتمردوا. و "العاتي": المتمرد المتجاوز في الحق. { عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ }، [أي]: عن اعتدائهم في السبت، { قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً }، فصاروا قردة، { خَاسِئِينَ }، [أي]: مبعدين. وذلك في زمن داود، (عليه السلام)، وهو قوله:
{ لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ } [المائدة: 78]، صاروا قردة كلهم، ومسخوا في زمن عيسى (عليه السلام)، خنازير، فذلك قوله: { عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } [المائدة: 78].
/ قال ابن عباس: صار شباب القوم قردة، وشيوخهم خنازير.
يقال: خَسَأْتُ الكلب: أبعدته وطردته.
وقوله: { قُلْنَا لَهُمْ (كُونُواْ) }.
جائز أن يكون أُمِرُوْا بذلك، فيكون أبلغ في الآية والقُدرة. وجائز أن يكون من قوله:
{ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [النحل: 40].
ثم قال تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ }.
روى الأصبهاني عن أصحابه عن ورشٍ: (تأذَّنَ)، بتسهيل الهمزة.
والمعنى: واذكر، يا محمد، إذ أعْلَمَ رَبُّك.
فمعنى { تَأَذَّنَ }: أَعْلَمَ والعرب تقول: "تعلم" بمعنى "أعلم".
وقال مجاهد { تَأَذَّنَ }: قال.
وقال قتادة { تَأَذَّنَ رَبُّكَ }: أمر ربك.
ومعنى: { لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ }.
أي: ليبعثن على اليهود { مَن يَسُومُهُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ }، وهو قتلهم إن لم يؤدوا الجزية، وذلتهم إن ودوها.
قال ابن عباس: هي الجزية، والذين يسومونهم: محمد، صلى الله عليه وسلم، وأمته، إلى يوم القيامة.
قال ابن المُسَيَّب: يستحب أن يبعث الأنباط في الجزية.
{ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلْعِقَابِ }.
أي: لمن استوجب منهم العقوبة.
{ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }.
أي: لساتر ذنوب من تاب، متعطف عليه.