التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ
٢٩
فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ
٣٠
-الأعراف

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ } الآية.
المعنى: قل، يا محمد لهم: { أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ }، أي: بالعدل.
{ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ }.
أي: وجهوا وجوهكم عند كل مسجد إلى الكعبة، وحيثما صليتم إليها.
وقيل معناه: اجعلوا سجودكم لله (عز وجل).
وقيل: المعنى إذا أدركتك الصلاة وأنت عند مسجد، فصل فيه، ولا تقل: أُؤْخر حتى آتي مسجد قومي.
وهذا عطف محمول على المعنى؛ لأن معنى { أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ }،: يقول لكم [ربي] أقسطوا وأقيموا وجوهكم، [فعطف أقيموا وجوهكم]، على أقسطوا، الذي في المعنى لا في اللفظ.
{ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ }.
أي: الطاعة.
ثم قال تعالى: { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ }.
هذا احتجاج عليهم إذ أنكروا قوله:
{ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } [الأعراف: 25]، وهو متصل به ومعناه: ليس بعثكم أشد من ابتدائكم.
ومعنى: { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ }، أي: كما بدأكم أشقياء وسعداء، كذلك تبعثون يوم القيامة، كما قال:
{ [هُوَ ٱلَّذِي] خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ } [التغابن: 2]، وقال بعده: { فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ }، وهو قول مجاهد، قال: من بدأه سعيداً بعثه يوم القيامة سعيداً، ومن بدأه شقياً بعثه يوم / القيامة شقياً.
وعن مجاهد أيضاً أنه قال: كما خلقكم تكونون كفاراً ومؤمنين.
وعن ابن عباس نحوه.
فلا تقف على هذا القول إلا على: { ٱلضَّلاَلَةُ }، لا تقف على: { تَعُودُونَ }؛ لأن { فَرِيقاً }، { وَفَرِيقاً } حالان.
وقيل: المعنى: كما خلقكم، ولم تكونوا شيئاً، كذلك تعودون بعد الفناء، أي: كما خلقكم، كذلك يبعثكم بعد موتكم، وهو قول الحسن وقتادة. فتقف على هذا على { تَعُودُونَ }.
ثم قال: { إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ }، أي: على هدى.
وقال الأخفش وأبو حاتم: { كَمَا بَدَأَكُمْ } تمام.
وقيل { تَعُودُونَ } التمام.
ومن قال معنى الآية: كما خلقكم أشقياء وسعداء { تَعُودُونَ }، لم يقف إلا على: { ٱلضَّلاَلَةُ }، وهو قول الكسائي.