تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه
قوله: { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ }، إلى: { ٱلْفَاتِحِينَ }.
المعنى: قال الملأ الذين استكبروا [عن الإيمان] من قومه: { لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ }، ومن آمن معك، { مِن قَرْيَتِنَآ }، أو لترجعن إلى ديننا. قال شعيب لهم: { أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ }، أي: تخرجوننا، ونحن كارهون لذلك.
وقوله: { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ }.
أي: قال شعيب لقومه إذْ دعوه إلى ملتهم، وَتَوَعَّدوه بالطرد: { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً }، أي: اختلقنا على الله كذباً، وتَخَرَّصْنَا ذلك عليه، إن نحن { عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ }، أي: دينكم، بعد أن أنقذنا الله منها. وهذا من قول من آمن به وقد كان كافراً. فأما شعيب فلم يكن على ملتهم قط.
ثم قال: { وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ }،: في ملتكم فندين الله بها { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا }، أي: إلا بمشيئة الله (سبحانه)، أي إلا أن يشاء ربنا أن يَتَعَبَّدَنَا بشيء مما أنتم عليه.
وقيل المعنى: إلا أن يشاء الله أن نعود، وهو لا يشاء ذلك أبداً بمنزلة قوله: { حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } [الأعراف: 40]. وقيل: هو استثناء من الأول.
{ وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً }. أي: أحاط به، فلا يخفى عليه شيء [كان، ولا شيء هو كائن]، فإن سبق في علمه أنا نعود في شيء منها؛ فلا بد أن يكون.
والله لا يشاء الكفر، أي: لا يُحِبُّه ولا يرضاه، وهو يشاؤه بمعنى: يُقَدِّره ويقضيه على من علمه منه. وقيل المعنى: ملأ ربنا كل شيء علماً.
ثم قال: { عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا }. أي: عليه نعتمد في أمورنا.
{ رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ }. أي: احكم بيننا وبينهم.
{ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ }. أي: الحاكمين.