التفاسير

< >
عرض

وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٤١
-الأنفال

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ } الآية.
هذه الآية تعليم من الله عز وجل، للمؤمنين، أن كل ما غنموه من غنيمة، وهو: "الفيء".
وقيل: "الغّنِيمَةُ": ما أُخذ عنوة، و "الفَيْءُ": ما أُخذ صلحا.
فـ: "الغَنِيمَةُ": أربعة أخماسها لمن شهد القتال، للراجل: سهم، وللفارس: سهمان.
والصلح على ما صُولحوا عليه، وليس فيه خمس، إنما هو لمن سمى الله عز وجل، في قوله:
{ مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } [الحشر: 7].
وقيل: "الغنيمة"، و "الفيء" واحد، فيه الخمس في "الحشر" قاله قتادة.
وقوله: { لِلَّهِ خُمُسَهُ }.
مفتاح كلام، والدنيا والآخرة لله، عز وجل / وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يقسم "الخمس" على خمسة: فخمس لله وخمس لرسوله هو [خمس] واحد.
وقيل: إنَّ خمس لخمس لله وللرسول، كان النبي صلى الله عليه وسلم، يقبض في "الخمس" قبضة فيجعله للكعبة، ثم يقسم باقي الخمس إلى خمسة.
وقال ابن عباس: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم، يأخذ من "الخمس" شيئاً، إنما كان يعطي ذلك لقرابته مع نصيبهم.
وقد أجْمَعُوا على أنَّ "الخمس" لا يقسم على ستة.
ومذهب الشافعي أن يقسم الآن على: خمسة، فيجعل جزء فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم، يجعله، وذلك أن يجعل تقوية للمسلمين، وكذا رُوي أنه كان يفعل، ويعطي الأربعة الأخماس: الخمس { لِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } سهماً سهماً.
وقال أبو حنيفة: يقسم الخمس على ثلاثة: للفقراء: ثلث، وللمساكين ثلث، ولابن السبيل ثلث؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" ، فسقط خمس رسول الله صلى الله عليه وسلم وخمس ذوي القربى.
ومذهب مالك رضي الله عنه: أنَّ الإمام يعطي من رأى من هؤلاء المذكورين من هو أحوج، فإذا جعلت في بعض دون بعض جاز.
ومعنى: { وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ }.
هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من بني هاشم.
وقال أبو سعيد الخدري عن ابن عباس: إنهم قريش كلهم.
{ وَٱلْيَتَامَىٰ }.
أطفال المسلمين الذين هلك آباؤهم.
{ وَٱلْمَسَاكِينِ }.
أهل الفاقة.
{ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ }.
المجتاز مسافراً قد انقطع به.
{ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ }.
أي: صدقتم بتوحيده، وآمنتم بما أنزلنا على عبدنا.
{ يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ }.
وهو يوم بدر، فرق فيه بين الحق والباطل.
{ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ }.
يعني: جمع المسلمين وجمعْ المشركين، وهو أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان المشركون ما بين الألف والتسعمئة والمسلمون ثلاثمئة وبضعة عشر رجلاً، فقتل من المشركين أزيد من سبعين، وأسر مثل ذلك.
وقال بعض نحويي البصرة قوله: { إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ }، متعلق بقوله: { نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ }.
وقيل: هو متعلق بما قيل من ذكر الغنيمة وقسمتها، وجواب الشرط محذوف، والمعنى: إن كنتم [آمنتم] بالله فاقبلوا ما أمرتم به.
{ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.
أي: على إهلاك أهل الكفر، وغير ذلك مما يشاء قدير.