التفاسير

< >
عرض

وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦١
وَإِن يُرِيدُوۤاْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ
٦٢
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٦٣
-الأنفال

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا }، إلى قوله: { عَزِيزٌ حَكِيمٌ }.
قد تقدم ذكر "السلم" في الفتح والكسر في "البقرة".
والمعنى: إن جنح هؤلاء الذين أمرت أن تنبذ إليهم على سواء إلى الصلح، أي: [مالوا إليه] فمل إليه، إمّا بالدخول في الإسلام، أو بإعطاء الجزية، وإما بموادعة.
قال قتادة: وهي منسوخة بقوله:
{ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [التوبة: 5].
وقال ابن عباس نسخها:
{ فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلسَّلْمِ } [محمد: 35].
وقال عكرمة والحسن نسخها:
{ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } [التوبة: 29]، الآية.
وقيل: إنها مُحْكَمةٌ.
والمعنى: إن دعوك إلى الإسلام فصالحهم. قاله ابن إسحاق.
{ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ }.
أي: فوض أمرك إلى الله، { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }.
ثم قال: { وَإِن يُرِيدُوۤاْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ }.
أي: إن يرد هؤلاء الذين أمرناك أن تجنح إلى السلم إن جنحوا لها خداعك وخيانتك، { فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ }، أي: كافيك الله.
{ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ }.
أي: قوَّاك بذلك على أعدائك، { وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ } هنا: الأنصار. وهذا كله في بني قريظة.
{ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ }.
أي: بين قلوب الأنصار: الأوس والخزرج، بعد التفرق والتشتت، { لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً }، أي من ذهب وفضة { مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ [أَلَّفَ] بَيْنَهُمْ }، على الهدى، فقواك بهم.
وروي عن ابن مسعود أنه قال: نزلت هذه الآية في المتحابين في الله عز جل: { لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ }، الآية.
وقال مجاهد: [إذا] التقى المسلمان وتصافحا غُفِر لهما.