التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ
٨٤
وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ
٨٥
وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ
٨٦
رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ
٨٧
-التوبة

تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه

قوله: { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ }، إلى قوله { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ }.
هذه الآية نَهْيٌّ للنبي صلى الله عليه وسلم، عن الصلاة على هؤلاء المتخلفين عنه.
{ وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ }.
أي: لا تتولَّ دفنه.
{ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ }.
أي: جحدوا توحيد الله عز وجل، ورسالة رسوله عليه السلام.
{ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ }.
أي: ولم يتوبوا من ذلك، بل ماتوا وهم خارجون عن الإسلام.
وَيُرْوَى: أن هذه الآية نزلت في أمر عبد الله بن أُبيّ بن سلول، وذلك أنَّ ابنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أعْطِنِي قَمِيصَك أُكَفِنّه فيه، وصَلِّ عليه، واستغفر له، فأعطاه قميصه، وقال: إذا فرغتم فآذوني، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر، وقال: أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين؟ [فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل خَيّرني فقال: { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ }، فصلى] النبي صلى الله عليه وسلم. فنزل { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم } الآية، فترك الصلاة عليهم.
وقال أنس: أراد النبي عليه السلام، أن يصلي على عبد الله بن أبي بن سلول، فأخذ جبريل، عليه السلام، بثوبه، وقيل: بردائه، وقال: { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ }.
ثم قال الله / عز وجل، لنبيه، عليه السلام: { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ }.
أي: لا يعجبك ذلك، فتصلي عليهم.
{ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا }.
أي: بالغموم والهموم فيها، ويفارق روحه جسده، وهو في حسرة عليها، فتكون حسرة عليه في الدنيا، ووَبَالاً في الآخرة.
{ وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ }.
أي: جاحدون.
{ وَأَوْلَـٰدُهُمْ } وقف عند أبي حاتم، على أنَّ عذابهم بها في الدنيا.
وغيره يقول: { ٱلدُّنْيَا }، يراد بها التقديم، والمعنى: ولا تعجبك أموالهم وأولادهم في الدنيا، فعلى هذا [لا] تقف على: { أَوْلَـٰدُهُمْ } وقد شرح هذا فيما تقدم بأكثر من هذا.
ثم أخبر الله عز وجل، عنهم بحالهم فقال: { وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ }.
أي: إذا أنزل الله عز وجل، عليك، يا محمد، سورة يأمرهم فيها: بالإيمان بالله، عز وجل، وبالجهاد معك.
{ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ }.
أي: [ذوو] الغنى منهم في التخلف عنك، والقعود بعدك مع الضعفاء والمرضى، ومن لا يقدر على الخروج وهم القاعدون.
{ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ }.
أي: مع النساء اللواتي لا فرض عليهن في الجهاد، جمع خَالِفة.
{ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ }.
أي: ختم.
وقد يقال للرجل: "خالفة" إذا كان غير نجيب.
وقد يجمع "فاعل" صفةً على "فواعل" في الشعر، قالوا: "فَارِسٌ" و "فَوَارِس" و "هَالِكٌ" و "هوالك".
وأصل "فواعل" أن يكون جمع: "فاعلة".