التفاسير

< >
عرض

وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
٥٩
وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ
٦٠
وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ
٦١
قَالُواْ يٰصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـٰذَا أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ
٦٢
-هود

تفسير الجيلاني

{ وَتِلْكَ } العصاة الغواة المقهورون بقهر الله وغضبه { عَادٌ } المبالغون في العتو والعناد { جَحَدُواْ } من غاية غفلتهم وغرورهم { بِآيَاتِ رَبِّهِمْ } المنزلة على ألسنة رسله { وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ } بالتكذيب والاستحقار لاستلزام الواحد تكذيب الجميع { وَٱتَّبَعُوۤاْ } من غاية جهلهم ونهاية بغضهم مع الله ورسله { أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ } مبالغ في التجبر والتكبر { عَنِيدٍ } [هود: 59] متناه في المكابرة والعناد، فتركوا متابعة الداعي لهم إلى سبيل الرشا.
{ وَ } لذلك { أُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي: صاروا متبوعين للطرد والتخذيل في النشأة الأولى والأخرى { أَلاۤ } تنبهوا يا أولي الأبصار والاعتبار { إِنَّ عَاداً } المعاندين { كَفَرُواْ رَبَّهُمْ } نعمه وجحدوا توحيده { أَلاَ بُعْداً } طردً وتخذيلاً وتبعيداً عن ساحة عز احضور { لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } [هود: 60] أردفه بعطف البيان للتمييز عن عاد إرم.
{ وَ } بعدما انقرضوا وانقهروا بما انقهروا أرسلنا { إِلَىٰ ثَمُودَ } حين ظهروا بالكفر والشقاق والانصراف عن منهج الرشاد باتخاذ الأوثان آلهة { أَخَاهُمْ صَالِحاً } لأنه أولى وأليق لإرشادهم وإهدائهم { قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي { لَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [الإخلاص: 4] ولا تشركوا به شيئاً؛ إذ { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ } موجد مظهر لكم من كتم العدم { غَيْرُهُ } بل { هُوَ } بذاته وأسمائه وأوصافه الذاتية والفعلية { أَنشَأَكُمْ } وأظهركم { مِّنَ ٱلأَرْضِ } بامتداد أظلال أسمائه ورش نوره { وَ } بعدما أظهرمك منها { ٱسْتَعْمَرَكُمْ } واستبقاكم { فِيهَا } ورباكم بأنواع اللطف والكرم عليها { فَٱسْتَغْفِرُوهُ } واسترجعوا إليه على ما فرطتم في حقه { ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } مخلصين نادمين عسى أن يقبل منكم ويعفو عن زلاتكم { إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ } لكم يعلم توبتكم وإخلاصكم فيها { مُّجِيبٌ } [هود: 61] يجيب دعوتكم ويعفو زلتكم.
{ قَالُواْ } بعدما سمعوا دعوته وتذكيره: { يٰصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً } أي: مستشاراً ومؤتمناً، واعتقدناك سيداً ذا رشد { قَبْلَ هَـٰذَا } الزمان فالآن صرت أخرق { أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا } أي: نهيتنا عن عبادة معبودات آبائنا { وَ } الحال أنه { إِنَّنَا لَفِي شَكٍّ } وترددٍ عظيم { مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ } من توحيد الإله المعبود بالحق وإبطال آلهتنا التي وجدنا آباءنا لها عابدين، { مُرِيبٍ } [هود: 62] ذي ريبة منتهية إلى كمال الارتياب، مع أنك لم تأت ببينة معجزة تلجئنا إلى تصديقك.