{ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ } مضت { لَهَا مَا كَسَبَتْ } من العزائم الدينية، وعليها ما اكتسبت من الجرائم المتعلقة به بحسب ذلك الزمان { وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ } من فوائد الإيمان والإسلام، و عليكم ما اكتسبتم من غوائل الكفر والطغيان بحسب زمانكم هذا؛ إذ لك منكم ومنهم لم يجز إلا بما عمل وكسب { وَلاَ تُسْأَلُونَ } وتؤاخذون أنتم { عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [البقرة: 134] من السيئات، كما لا تثابون من حسناتهم بل كل امرئ بما كسب رهين.
{ وَ } إن { قَالُواْ } أي: كل من الفريقين لكم { كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } لكي { تَهْتَدُواْ } إلى طريق الحق { قُلْ } لهم لا نتبع آراءكم الفاسدة وأهواءكم الباطلة { بَلْ } نتبع { مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } مائلاً عن الآراء الباطلة مهذباً منها { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [البقرة: 135] بالله باعتقاد الوجود لغير الله.
{ قُولُوۤاْ } لهم في مقابلة قولهم أيها المؤمنون المتبعون لملة إبراهيم، إرشاداً لهم وإسماعاً إياهم طريق الحق: { آمَنَّا بِٱللَّهِ } الواحد المتجلي في الآفاق بالاستحقاق بأسمائه الحسنى وصفاته العليا { وَ } آمنا أيضاً { مَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا } بوسيلة رسولنا من الكتاب المبين لمصلحتنا، المتعلق بمبدئنا ومعادنا في زماننا { وَ } آمنا آيضاً { مَآ أُنزِلَ } إلى المتبوعين الماضين { إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ } المورثين وديننا { وَ } كذلك آمنا { مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ } من الكتب والآيات الدالة على توحيد الذات وتصديق من جاء به من عند ربه { وَ } الحاصل أنا آمنا بجميع { مَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ } لإهداء المضلين من عباده إلى توحيده { لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ } بالإيمان والإنكار، بل نؤمن بجميعهم ونصدقهم؛ لكونهم هادين إلى توحيد الله وإن تفاوتت طرقهم { وَنَحْنُ لَهُ } لتوحيد الله { مُسْلِمُونَ } [البقرة: 136] منقادون متوجهون؛ وإن بين بطرقٍ متعددةٍ وكتبٍ مختلفةٍ بحسب الأعصار والأزمان المتوهمة من تجليات الذات بالأسماء والصفات.