التفاسير

< >
عرض

لاَ إِكْرَاهَ فِي ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
٢٥٦
ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٥٧
-البقرة

تفسير الجيلاني

{ لاَ إِكْرَاهَ } أي: لا جبر ولا تهديد ولا إلجاء { فِي ٱلدِّينِ } أي: في الانقياد بدين الإسلام والإطاعة له بعد ما ظهر الحق؛ إذ { قَد تَّبَيَّنَ } وتميَّز { ٱلرُّشْدُ } والهداية { مِنَ ٱلْغَيِّ } والضلالة { فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّاغُوتِ } التي هي النفس الأمارة المضلة عن طريق الحق { وَيْؤْمِن بِٱللَّهِ } الهادي إلى سواء السبيل { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ } بل تمسك وتشبث { بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } التي هي حبل الله الممدود من أزل الذات إلى أبد الأسماء والصفات { لاَ ٱنفِصَامَ } ولا انقطاع { لَهَا } أصلاً { وَٱللَّهُ } الهادي للكل { سَمِيعٌ } بذاته لأقواله { عَلِيمٌ } [البقرة: 256] بحمه ومصالحه المودعة فيها، فانظروا ما أنتم أيها الهلكى.
{ ٱللَّهُ } أي: الذات المستجمع لجميع الأسماء والصفات { وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله يريبهم حسب شموله وإحاطته { يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ } ظلمة الطبيعة وظلمة الإمكان وظلمة الإضافة { إِلَى ٱلنُّورِ } صفاء الوحدة الخالصة عن رين الإضافة الخالية عن شين الكثرة { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } بالله { أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ } التي هي عَلَم الجنس للنفوس البهيمية التي هي الطواغيت المضلة عن الهدي الحقيقي { يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ } أي: المرآة الصقلية المجلوة القابلة لأن يتراءى فيها جميع ما في العالم { إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ } ظلمة الكثرة وظلمة التعيين وظلمة الغفلة { أُوْلَـٰئِكَ } البعداء المطرودين عن ساحة الوحدة { أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } أي: نار الخذلان وسعير الإمكان { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة: 257] دائمون إلى ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله.