التفاسير

< >
عرض

أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
٧٥
وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوۤاْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ
٧٦
أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ
٧٧
-البقرة

تفسير الجيلاني

{ أَ } لم تسعموا قصتهم، ولم تعرفوا خيانتهم ودناءتهم وزلتهم المضروبة عليهم وسوء معاملتهم مع نبيهم المبعوث عليهم { فَتَطْمَعُونَ } وترجون { أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ } أي: بنبيكم، ويصادقوا ويحاقوا ويتلوا معكم كلام الله مع علمكم بحالهم { وَ } لم تسعموا أنه { قَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } من أسلافهم قوم { يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ } النازل لهم، وفيه وصف نبينا صلى الله عليه وسلم فيضطربون ويستقلون بعثته { ثُمَّ } لما قرب عهده صلى الله عليه وسلم وظهر أمره، واستشعروا من أمارته أنه هو النبي الموعود في كتابهم { يُحَرِّفُونَهُ } أي: الكتاب، حسداً وعناداً ويغيرونه مكابرة { مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ } جزموه وحققوه أنه هو { وَهُمْ } أيضاً { يَعْلَمُونَ } [البقرة: 75] مكابرتهم ومعاندتهم ويجزمونه في نفوسهم بحقيته، ويقولون في خلواتهم: إنا وإن كان النبي الموعود لكن لا نؤمن له؛ لأنه من العرب لا منّاً.
{ وَ } منهم من آمن وصدق ظاهراً لمصلحة دنيوية وهو على خباثته الأصلية ودنائته الجبلية، بل أخبث منها بحيث { إِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } وأخلصوا في إيمانهم { قَالُوۤاْ آمَنَّا } برسولكم الذي هو الرسول الموعود في التوراة يقيناً، وصدقنا جمع ما جاء به من عند ربه { وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } أي: المنافقين مع المصرين { قَالُوۤاْ } أي: كل من الفريقين للآخر عند المشاورة وبث الشكوى: أترون أمر هذا الرجل كيف يعلو ويرتقي وما هو إلا النبي المؤيد الموعود في كتابنا؟ أي شيء تعلمون يا معاشر اليهود؟ { أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } في كتابكم من وصفه { لِيُحَآجُّوكُم بِهِ } ويغلبوا عليكم ويتقربوا { عِنْدَ رَبِّكُمْ } فالعار كل العار، أم تحرفون الكتاب ولا تسلمونه غيرة وحمية؟ { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [البقرة: 76] تتفكرون وتتأملون أيها المتيدنون بدين الآباء في أمر هذا الرجل؟ هكذا جرى حالتهم دائماً بأن قالوا بأمثال هذه الهذيانات إلى أن تتفرقوا.
قال لهم يا أكمل الرسل: { أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ } المحيط بظواهركم وبواطنكم { يَعْلَمُ } بالعلم الحضوري { مَا يُسِرُّونَ } من الكفر والتكذيب عناداً ومكابرة { وَمَا يُعْلِنُونَ } [البقرة: 77] من القول الغير المطابق للاعتقاد.