التفاسير

< >
عرض

لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً
١١٤
وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً
١١٥
إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً
١١٦
-النساء

تفسير الجيلاني

وإذا كان شأنك عند الله هذا، لا تبالك بهم وبمعاونتهم ومصاحبتهم؛ إذ { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ } دعائهم ومناجاتهم في خلواتهم { إِلاَّ مَنْ أَمَرَ } نفسه { بِصَدَقَةٍ } على الفقراء موجبة لرحمة الله له { أَوْ مَعْرُوفٍ } مستحسن عقلاً وشرعاً من الأخلاق الحميدة والخصائل المرضية { أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } على الوجه الأحسن الأوفق { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } كل واحد من ذلك { ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ } خالصاً لرضاه، بل تخلل الرياء والسمعة، وقصد الرئاسة والجاة بين الأنام { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ } من فضلنا وجودنا { أَجْراً عَظِيماً } [النساء: 114] فوق ما يستحقه.
{ وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ } ويخالفه { مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ } ظهر { لَهُ ٱلْهُدَىٰ } جاء به الرسول لدلالة المعجزات الساطعة والبراهين القاطعة على صدقه { وَ } مع ظهور هذه الدلائل الواضحة { يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } المتابعين لهم كابرة وعناداً { نُوَلِّهِ } على { مَا تَوَلَّىٰ } من الغي والضلال، ونخل بينه وبينه في النشأة الأولى { وَ } في النشأة الأخرى { نُصْلِهِ } ندخله { جَهَنَّمَ } البعد والخلاذن { وَسَآءَتْ } جهنم { مَصِيراً } [النساء: 115] منقلباً ومآباً لأهلها.
أجرنا من النار يا مجير.
ثم قال سبحانه؛ تسلية للعصاة وترغيباً لهم إلى الإنابة والرجوع: { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لسرائر عباده { لاَ يَغْفِرُ } ولا يعفو { أَن يُشْرَكَ بِهِ } شيئاً من مصنوعاته في استحقاق العبادة، وإسناد الحوادث نحوه { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ } وإن استكرهه واستنكره وندم منه، ولم يصر عليه { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ } بنسبة الحوادث الكائنة إلى غيره { فَقَدْ ضَلَّ } عن جادة التوحيد { ضَلاَلاً بَعِيداً } [النساء: 116] لا ترجى هدايته أصلا.