{ وَ } إن كنتم ذوي أزواج فوق واحدة { لَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ } وتعاشروا بالقسط إلى ألاَّ يقع التفاوت والتفاضل { بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ } أصلاً { وَلَوْ حَرَصْتُمْ } بالغتم في رعاية العدل؛ إذ الميل الطبيعي يأبى عن إقامة العدل، لذلك قيل: لا وجود للاعتدال الحقيقي سيما في أمثاله { فَلاَ تَمِيلُواْ } أي: فعليكم ألاَّ تميلوا، وتجانبوا عما تميلوا عنه { كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا } إلى حيث تتركوها { كَٱلْمُعَلَّقَةِ } لا أيماً ولا ذات بعل { وَإِن تُصْلِحُواْ } بعدما أفسدتم { وَتَتَّقُواْ } عن غضب الله في إضاعة حقها { فَإِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لجميع ما صدر ويصدر عنكم { كَانَ غَفُوراً } لكم بعد ما تبتم ورجعتم عما صدر عنكم { رَّحِيماً } [النساء: 129] لكم يقبل توبتكم إن أخلصتم فيها.
{ وَإِن } يتنازعون حتى { يَتَفَرَّقَا } وارتفع النكاح بينهما { يُغْنِ ٱللَّهُ } بفضله { كُلاًّ } منهما عن الآخر { مِّن سَعَتِهِ } أي: من سعة رحمته وبسطة رزقه وفسحة مملكته { وَكَانَ ٱللَّهُ } المتفضل لعباده { وَاسِعاً } لهم في عطائه { حَكِيماً } [النساء: 130] في إعطاء ما ينبغي.
{ وَ } كيف لا يكون واسع العطاء؛ إذ { للَّهِ } المنعك المفضل جميع { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } وما بينهما ملكاً وخلقاً، وتدبيراً وتصرفاً، وأيجاداً وإعداماً، وإبقاءً وإفناءً، وإذا كان الأمر على هذا فعليكم أن تتقوا من الله في السراء والضراء والخصب الرخاء { وَ } اعلموا أنا { لَقَدْ وَصَّيْنَا } من قمام فضلنا وجودنا { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } أي: اليهود والنصارى، وجميع من أنزل إليهم الكتاب في كتبهم { وَإِيَّاكُمْ } أيضاً في كتابكم هذا { أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } المالك لأزمة الأمور بالاستحقاق، وأطيعوا أمره وتوجهوا نحوه، ولا تكفروا به { وَإِن تَكْفُرُواْ } وتعرضوا عن غاية جهلكم وعنادكم عما فرض عليكم أصلاً إصلاحاً لحالكم، فاعلموا أن الله الغني بذاته لا يبالي بكفركم وإيمانكم { فَإِنَّ للَّهِ } رجوع { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } إرادة وطوعاً { وَ } مع ذلك { كَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً } مستغنياً في ذاته وصفاته عن العالمين، وعن كفرهم وإيمانهم { حَمِيداً } [النساء: 131] في نفسه حمد أو لم يحمد، وكيف لا يكون سبحانه غنيّاً في ذاته حميداً في نفسه؛ إذ ليس في الوجود غيره ولا شيء سواه ليحمده؟!.