التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٢٣
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُواْ سَاحِرٌ كَـذَّابٌ
٢٤
فَلَمَّا جَآءَهُمْ بِٱلْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ ٱقْتُلُوۤاْ أَبْنَآءَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ وَٱسْتَحْيُواْ نِسَآءَهُمْ وَمَا كَـيْدُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ
٢٥
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِيۤ أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ
٢٦
-غافر

تفسير الجيلاني

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل { لَقَدْ أَرْسَلْنَا } من مقام جودنا أخاك { مُوسَىٰ } الكليم { بِآيَاتِنَا } الدالة على كمال قدرتنا { وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [غافر: 23] أي: حجة واضحة دالة على صدقه في رسالته ودعوته.
{ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } الطاغي الذي بالغ في العتو والعناد، حيث تفوه بـ"أنا ركبم الأعلى" { وَهَامَانَ } المصدق لطغيانه، المعاون على عتوه وعدوانه { وَقَارُونَ } المباهي بالثروة والغنى، وبعدما بلغ إليهم الدعوة، وأظهر عليهم المعجزة { فَقَالُواْ } بلا تردد وتأمل فيما سمعوا وشاهدوا منهم: ما هذا المدعي إلا { سَاحِرٌ } في بينته { كَـذَّابٌ } [غافر: 24] في دعوته؛ أي: فاجؤوا على التكذيب والإنكار بلا مبالاة به وبشأنه، بمقتضى ما هم عليه من العتو والاستكبار.
{ فَلَمَّا جَآءَهُمْ } موسى ملتبساً { بِٱلْحَقِّ } مؤبداً { مِنْ عِندِنَا } وآمن له بنو إسرائيل حين عاينوا منه الآيات الكبرى والمعجزات العظمى { قَالُواْ } يعني: فرعون أصالة، وملؤه تعباً لأعوانهم وأتباعهم: { ٱقْتُلُوۤاْ أَبْنَآءَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ } يعني: أعيدوا على بني إسرائيل الزجر الشنيع الذي أنتم تفعلون معهم من قبل { وَٱسْتَحْيُواْ نِسَآءَهُمْ } للزواج والوقاع، تعييراً عليهم وتضعيفاً لهم؛ يعني: هم قصدوا المكر والمقت على أولئك المؤمنين بقولهم هذا { وَ } ما يظن أنهم ممكورون وممقوتون؛ إذ { مَا كَـيْدُ ٱلْكَافِرِينَ } ومكرهم حيث كادوا ومكروا { إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } [غافر: 25] أي: هلاك وبوار على أهل الحق، لذلك لم ينالوا على ما قصدوا، بل عاد عليهم، ولحق بهم أضعاف ما قصدوا إياهم، ومكروا لأجلهم.
{ وَ } بعدما ظهر أمر موسى الكليم وعلا قدره، وانتشر بين الناس حجته وبرهانه { قَالَ فِرْعَوْنُ } لملئه الذين قالوا له حين غلب موسى على السحرة، وقصد فرعون قتله فمنعه الملأ عن قتله، حتى لا يظهر بين الناس مغلوبيته من مسى، مع أنه ادعى الألوهية لنفسه: { ذَرُونِيۤ } أي: ارتكوني على حالي، أنا { أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ } أي: يمنعني عن قتله، أو يهلكني لأجله؛ يعني: لا أبالي به وبربه، بل { إِنِّيۤ أَخَافُ } عليكم لو لم أقتله { أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ } وانقيادكم على سحره { أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي ٱلأَرْضِ ٱلْفَسَادَ } [غافر: 26] أي: النهب والغارة في أطراف المملكة وأكناف البلاد، وإن لم يقدر على تغيير دينكم وعقائدكم.