التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ ٱلصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ ٱلزَّكَاةَ وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ
١٢
-المائدة

تفسير الجيلاني

ثم لمَّا أراد سبحانه تقرير المؤمنين على الإيمان، وتثبيت قدمهم على جادة التوحيد والفرقان، استشهد عليهم تزلزل بني إسرائيل، وعدم رسوخ قدمهم في الإيمان والإطاعة مع أخذ المواثيق منهم على لسان نبيهم - صلوات الرحمن على نبينا وعليه - فقال: { وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ } بلسان موسى كليم الله { مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } أي: العهد الوثيق منهم بعدما خلصوا من فرعون، وورثوا منه ما ورثوا، واستقروا على ملك مصر { وَ } ذلكا أنَّا { بَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً } من نجبائهم ونخبائهم، من كل فرقة نقيب مسلم، بينهم رئاسةً وجاهاً، وبالجملة: كل من النقباء يولي أمر فرقته عند نبينا موسى عليه السلام.
فعهدوا أن يسيروا مع موسى إلى "أريحا" بالشام حين أوحى إليه، فساروا إلى أن وصلوا، وكان فيها الجبابرة الكنعانيون، فلمَّا رأوا العدو ذوي قوة ، وأولي بأس شديد هابوا منه، وترهبوا، فرجعوا إلى قومهم، فأبخروا لهم ما ظهر عليهم إلا قليلاً منهم فنقضوا العهد والميثاق.
{ وَ } مع ذلك { قَالَ ٱللَّهُ } لهم حين أمرهم: { إِنِّي مَعَكُمْ } لينصركم على عدوكم وأخرجهم منها: فوعزتي وجلالي { لَئِنْ أَقَمْتُمُ ٱلصَّلاَةَ } على الوجه الذي وصل إليكم من رسولكم { وَآتَيْتُمُ ٱلزَّكَاةَ } على الوجه المشروع { وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي } بلا تفريق بينهم { وَعَزَّرْتُمُوهُمْ } أي: نصرتموهم في إعلاء كلمة الحق، وإشاعة دينه { وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ } ما في أيديكم من زخرفة الدنيا { قَرْضاً } إنفاقاً للفقراء والمساكين { حَسَناً } بلا شوب المنة والأذى { لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ } أي: لأمحوَّ عن ديوان عملكم { سَيِّئَاتِكُمْ } بأسرها { وَلأُدْخِلَنَّكُمْ } جزاءً لإخلاصكم { جَنَّاتٍ } متنزهاتٍ ثلاث: هي العلم والعين والحق { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } مملوء بمياه الحقائق والمعارف { فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ مِنْكُمْ } أي: بعدما سمع التذكير والعظة من الله { فَقَدْ ضَلَّ } وفقد { سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } [المائدة: 12] لا دواء لدائه، ولا رجاء لإنجائه.
اهدنا بفظلك إلى سواء السبيل.