{ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ } وبعدم وفائهم للعهود الوثيقة { لَعنَّاهُمْ } طردناهم عن فضاء التوحيد { وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً } مظلمة بظلمة الإمكان إلى حيث { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ } المثبتة في كتاب الله؛ لإعلاء كلمة التوحيد { عَن مَّوَاضِعِهِ } التي وضعها الحق { وَنَسُواْ حَظًّا } نصيباً { مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ } أي: بالتوراة، ووعظوا عنه، وأفادوا منه { وَ } صاروا من غاية القساوة والنيسان بحيث { لاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ } دائماً مستمراً { عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ } تبالغ في الخيانة { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ } وهم الذين آمنوا بكم، وأنصفوا على ما في التوراة وأظهروها { فَٱعْفُ عَنْهُمْ } ولم يحرفوها زماناً { وَٱصْفَحْ } وانصرف عن انتقامهم إلى الإحسان معهم { إِنَّ ٱللَّهَ } القادر على الانتقام { يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } [المائدة: 13] المجاوزين عن الانتقام بعد الاقتدار عليهز
{ وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَىٰ } مدعين نصرة الدين، وإعلاء كلمة الحق { أَخَذْنَا } كما أخذنا من اليهود { مِيثَاقَهُمْ } فنقضوا كما نقضوا { فَنَسُواْ } كما نسوا { حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ } أي: بالإنجيل المنزل على عيسى - صلوات الرحمن عليه - { فَأَغْرَيْنَا } ألقينا، وألزمنا { بَيْنَهُمُ } بين اليهود والنصارى، وهم اليعقوبية والنسطورية والملكائية { ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ } المستمرة { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } بحيث لا يصفو نفاقهم وشقاقهم أصلاً { وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ } كلا الفريقين، أو الفرق { بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } [المائدة: 14] في الدنيا من البغض والنفاق، وبما يكسبون به في الآخرة من العذاب والعقاب.