التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَٰهُمْ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ
٦٥
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ
٦٦
يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ
٦٧
-المائدة

تفسير الجيلاني

{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ ءَامَنُواْ } بك وبكتابك { وَٱتَّقَوْاْ } عمَّا اجترؤوا عليه في حق الله، وفي حقك { لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ } أي: محنا عن ديوان أعمالهم بالمرة { سَيِّئَاتِهِمْ } التي كانوا عليها { وَلأَدْخَلْنَٰهُمْ } تفضلاً وامتناناً { جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ } [المائدة: 65] منتزهات العلم والعين والحق، إن أخلصوا في إيمانهم.
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ } أي: أهل الكتاب { أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ } وامتثلوا بأوامرها، وأظهروا ما فيها من الأحكام والعبر والتذكيرات، سيما بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونعته { وَ } أقاموا أيضاً { ٱلإِنْجِيلَ } وعملوا بمقتضى ما فيه { وَ } كذا جميع { مَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ } لوسع عليهم الرزق الصوري والمعنوي إلى حيث { لأَكَلُواْ } الرزق { مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } - ذكر الجهتين يغني عن الجهات كلها - لو كوشفوا بوحدة الله من جميع الجوانب والجهات، ولا يرون غير الله في مظاهره ومجاليه { مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ } معتدلة، لا من أهل التفريط، ولا من أهل الإفراط، يرجى إيمانهم، وكشفهم { وَ } إن كان { كَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ } [المائدة: 66] أي: ساء عملهم في الإفراط والتفريط عن جادة الاعتدال والتوحيد.
{ يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ } المبعوث إلى كافة الخلق بالرسالة العامة، والدعوة إلى توحيد الذات { بَلِّغْ } وأوصل جميع { مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } لتبيين طريق توحيده الذاتي على جميع من كلف به { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ } ولم تبلغ؛ إمهالاً وخوفاً { فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ } التي كلفك سبحانه بتبليغها، وبالجملة: اعتصم بالله، وتوكل عليه في أدائها { وَٱللَّهُ } المراقب لجميع أحوالك { يَعْصِمُكَ } ويحفظك { مِنَ } شرور { ٱلنَّاسِ } القاصدين مقتك ومساءتك يكفيك مؤنة شرورهم، ويكف عك أذاهم بحوله وقوته { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لضمائر عباده { لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } [المائدة: 67] القاصدين مقتك، ولا يوصلهم إلى ما يريدون بك من المضرة والمساءة.