التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَٱللَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٧٦
قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوۤاْ أَهْوَآءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ
٧٧
لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
٧٨
كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
٧٩
-المائدة

تفسير الجيلاني

{ قُلْ } لهم يا أكمل الرسل إلزاماً وتبكيتاً: { أَتَعْبُدُونَ } وتؤمنون { مِن دُونِ ٱللَّهِ } المتفرد بالألوهية والوجود { مَا } أي: أضلالاً وتماثيل { لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ } ولا لأنفسهم { ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } ولا وجوداً، ولا حياة، بل ما هي إ لا تماثيل موهومة، وعكوس معدومة تنعكس من أشعة التجليات الإلهية، ليس لها في أنفسها أوصاف وآثار { وَٱللَّهُ } المتجلي في الآفاق بالاستحقاق { هُوَ ٱلسَّمِيعُ } في مظاهره لا غيره؛ إذ لا غير { ٱلْعَلِيمُ } [المائدة: 76] أيضاً فيها، فله الاستقلال في التصرف في ملكه وملكوته بلا مشاركة أحدٍ ومظارته.
{ قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ } أي: النصارى { لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ } ونبيكم { غَيْرَ ٱلْحَقِّ } اقتراءً ومراءً، سيما بعد ظهور المبيِّن، المؤيَّد، المدَّق { وَلاَ تَتَّبِعُوۤاْ أَهْوَآءَ قَوْمٍ } من أسلافكم { قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ } عن طريق الحق { وَ } مع ذلك لا يقتصرون على الضلال بل { أَضَلُّواْ كَثِيراً } من ضعفائهم وعوامهم { وَ } هم قوم { ضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ } [المائدة: 77] بلا هادٍ ومنبهٍ يهديهم إليه، وما لكم تضلون عنه مع وجود المنبة المؤيد من عند الله، الهادي بالهداية العامة إلى صراط مستقيم، موصلٍ إلى مقر التوحيد.
{ لُعِنَ } أي: طُرد ، وحُرم، ورُدَّ من مقر العز ومرتبة النيابة { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ } أيضاً { ذٰلِكَ } الطرد واللعن { بِمَا عَصَوْا } على الله بعدم امتثال أوامره واجتناب نواهيه { وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } [المائدة: 78] يتجاوزون عن مرتبة الإنسانية بالخروج عمَّا حدَّ الله لهم، وبيَّنه في كتابه إلى ما تهوى أنفسهم، وترضى عقولهم.
{ كَانُواْ } من غاية غفلتهم وانهماكهم { لاَ يَتَنَاهَوْنَ } أي: لا ينهون أنفسهم { عَن مُّنكَرٍ } مخالف للشرع { فَعَلُوهُ } بعد تنبههم بمخالفته، بل يصرون عليها؛ عناداً واستكباراً، والله { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [المائدة: 79] لأنفسهم ذلك المنكر، والإصرار المستجلب للعذاب والنكال.