التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ
٦٣
قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ
٦٤
قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ
٦٥
وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ ٱلْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ
٦٦
لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ
٦٧
-الأنعام

تفسير الجيلاني

{ قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } أي: شدائدها وأهوالها حين { تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً } متضرعين معلنين { وَخُفْيَةً } مناجين مسرين قائلين: { لَّئِنْ أَنجَانَا } الله بلطفه { مِنْ هَـٰذِهِ } الأهوال والمخاوف { لَنَكُونَنَّ } لنعمه الصارفين لها إلى مقتضى ما امره الحق ورضي عنه { مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } [الأنعام: 63].
{ قُلِ ٱللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ } هم وغم { ثُمَّ } بعدما أنجاكم الله { أَنتُمْ } أيها المنهمكون في بحر الضلال { تُشْرِكُونَ } [الأنعام: 64] به ما لا وجود له من التماثيل، وتكفرون نعمة العقل المفاض من عنده لتتنبهوا إلى توحيده.
{ قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ } المقتدر { عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً } نازلاً { مِّن فَوْقِكُمْ } مثل الرعد والبرق والصواعق الكائنة في الجو { أَوْ } حادثاً { مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } مثل الزلزلة والغرق وغير ذلك { أَوْ يَلْبِسَكُمْ } ويخلط عليكم أهواءكم ويجعلكم { شِيَعاً } فرقاً متخالفة متقابلة { وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } بالقتل والسبي والإجلاء { ٱنْظُرْ } أيها الرائي { كَيْفَ نُصَرِّفُ } نجدد ونكرر لهم { ٱلآيَاتِ } أي: دلائل توحيدنا وشواهده { لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ } الأنعام: 65] رجاء أن يتفطنوا إلى سر توحيدنا وسريان هويتنا في مظاهرنا، ومع ذلك لم ينتبهوا.
{ وَ } من عدم تفطنهم وتنبههم { كَذَّبَ بِهِ } أي: بما جاء من عندنا إليك من الكتاب الجامع للكتب السالفة { قَوْمُكَ } يعني: قريشاً، ونسبوه لا ما لا يليق بجنابنا { وَ } الحال أنه { هُوَ ٱلْحَقُّ } المطابق للواقع نزوله منا إليك { قُل } لهم في مقابلة تكذيبهم: { لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ } [الأنعام: 66] موكل لحفظكم ليحفظكم عما يضركم بل ما علي إلا البلاغ والحفظ والوقاية بيد الله.ط
واعلموا أن { لِّكُلِّ نَبَإٍ } خبر وآيات نازلة من الله { مُّسْتَقَرٌّ } مقر ومورد { وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } [الأنعام: 67] حين تقرره ونزوله في مورده في الدنيا والآخرة.