{ وَٱكْتُبْ لَنَا } يا ربنا { فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } لا توقعنا في فتنتك { وَفِي ٱلآخِرَةِ } أيضاً حسنة توصلنا إلى رزق توحيدك { إِنَّا } بعدما تحققنا بعلو شأنك وسمو برهانك { هُدْنَـآ } أي: تبنا ورجعنا { إِلَيْكَ } من أن نسأل منك ما ليس لنا علم به، سيما بعدما يتعلق بذاتك { قَالَ } سبحانه منفرداً برداء العظمة والكبرياء: { عَذَابِيۤ } ونكالي { أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ } من عصاة عبادي { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } من المطيعين والعاصين وغيرهم { فَسَأَكْتُبُهَا } وأثبتها حتماً { لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } عن المحارم مطلقاً؛ طلباً لمرضاتي { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ } تطهيراً لنفوسهم عن الشح المطاع، الموجب للقسوة والغفلة { وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا } أي: بجميعها { يُؤْمِنُونَ } [الأعراف: 156] يوقونون ويمتثلون بمقتضاها.
وهم: { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ } المرسل بالتوحيد الذاتي { ٱلنَّبِيَّ } المتمم لمكارم الأخلاق { ٱلأُمِّيَّ } المتحقق، المخصوص بالعلم اللدني الملقاة له من ربه بلا واسطة كسب وتعيم من معلم، وهو { ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ } أي: جميع أهل الكتاب { مَكْتُوباً } في كتبهم بعثته ودينه، واسمه وحليته وجميع أوصافه ثابتاً { عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ } بأنه إذا بعث { يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ } التي يحرمونها على نفوسهم { وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ } التي يحللونها.
{ وَ } أيضاً { يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ } أي: ثقلهم الذي يترهبون ويتزهدون فيه فوق طاقتهم كقطع الأعضاء والجوارح التي يخطئون بها، وقطع موضع النجاسة من الثباب وغير ذلك { وَ } يضع أيضاَ { ٱلأَغْلاَلَ } أي: التكاليف الشاقة { ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ } حين ظهوره ودعوته { وَعَزَّرُوهُ } أي: وقروه حق توقيره وتعظيمة { وَنَصَرُوهُ } تقويةً لدينه { وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ } أي: القرآن { ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ } من عند الله تأييداً له وتصديقاً { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء المقبلون عند الله، الموفقون من عنده باتباعه { هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [الأعراف: 157] المقصرون من عنده على الفلاح والفوز بالنجاح.