{ قُلْ } يا أكمل الرسل الهادي للكل، المرسل إلى كافة البرايا: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } المجبولون على الغفلة، الناسون عهد الله وميثاقه، المحتاجون إلى المرشد الهادي يهديكم إلى طريق الرشاد { إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ } أرسلني { إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } لأهديكم إلى توحيده الذاتي واعلموا أيها المجبولون على فطرة التوحيد سبحانه، هو العليم القدير { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } وما فيها إيجاداً وتصرفاً بالاستقلال والاختيار { وَٱلأَرْضِ } وما عليها كذلك وبالجملة: { لاۤ إِلَـٰهَ } أي: لا متصرف في الشهود، ولا مالك في الوجود { إِلاَّ هُوَ } المتصرف المستقل بالألوهية والوجود { يُحْيِـي } ويظهر بلطفه من يشاء من مظاهره { وَيُمِيتُ } بقهره من يشاء، ومتى عرفتم أن الملك كله لله والتصرف بيده { فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ } المتوحد المتفرد بالألوهية { وَرَسُولِهِ } المنزل من عنده؛ ليبيِّن طريق توحيده.
{ ٱلنَّبِيِّ } المخبر لأحوال النشأة الأولى والأخرى { ٱلأُمِّيِّ } المكاشف { ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ } أي: يوقن ويذعن بتوحيد الله، ويصدق بجميع كلماته المفصلة المنزلة من عنده سبحانه من لدن نفسه القدسية بلا مدرس ومرشد، ومعلوم منبه { وَ } إذا كان شأنه هذا { ٱتَّبِعُوهُ } أيها الطالبون لطريق الحق، القاصدون نحو توحيده { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [الأعراف: 158] بمتابعته صلى الله عليه وسلم ما تقصدون إليه من التوحيد الذاتي.
ثمَّ قال سبحانه تنبيهاً على المؤمنين: { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ } أي: من بني إسرائيل { أُمَّةٌ } جماعة متقصدة { يَهْدُونَ } الناس إلى توحيد الحق، ملتبسين { بِٱلْحَقِّ } الصدق المطابق للواقع؛ لنجابة فطرتهم واستقامة عقيدتهم { وَبِهِ يَعْدِلُونَ } [الأعراف: 159] أي: بسبب الحق يقتصدون لا يفرطون، ولا يفرّطون في الأحكام أصلآً.